للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وفي تذكرة الوداعي]

[١] حدثني إسماعيل بن إبراهيم [٢] الحساني، قال: كنت أتعاطى التجارة وأزكي، فجئت يوما إلى ميضأة، ومعي ثلاثمائة وخمسون دينارا في منديل، فوضعتها في طاقة الخلاء، ثم نسيت وخرجت، وتوضأت ودخلت المسجد، فتذكرت وأنا في الصلاة، فهممت بالخروج منها، ثم قلت في نفسي: راح المال ويروح الدين، لا والله، فأتممت الصلاة، وجئت إلى الميضأة، فصادفت رجلا أعجميا خارجا من الخلاء الذي كنت فيه، وهو مشمر الثياب، مشكوف العورة، فدخلت فوجدت المنديل بحاله، فأخذته وخرجت على عقبي، فقال لي العجمي: رأيت الذي رأيت؟ قلت: وما ذاك؟ قال: كان في الطاقة ثعبان عظيم همّ بنهشي، فلأجل ذاك خرجت ولم أغتسل.

روى المنهال، عن عبد الله بن الحارث قال: كانت البهائم تتكلم قبل أن يخلق آدم عليه السلام، وكان النسر والحوت يلتقيان، فيخبر النسر الحوت بما حدث في البر، ويخبر الحوت النسر بما حدث في البحر، فلما خلق الله آدم التقيا، فقال النسر للحوت:

لقد حدث في البر من يستنزلني من وكري، ويستخرجك من بحرك./

دخل كمال الدين بن يونس [٣] على الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ [٤] يهنيه بالعافية من مرض، وأنشده: [الطويل]

لقد كان وجه العيش مذ كنت شاكيا ... عبوسا فمذ عوفيت عاد تبسّما

فديناك مما تتّقيه فانّه ... يهون علينا أن تعافى ونسقما


[١] الوداعي: علي بن المظفر بن إبراهيم الكندي الوداعي، علاء الدين، ويقال له ابن عرفة، أديب متفنن شاعر، عارف بالحديث والقراءات، من أهل الاسكندرية، أقام بدمشق وتوفي فيها، له (التذكرة الكندية) خمسون جزءا أدب وأخبار وعلوم، وله وديوان شعر، توفي سنة ٧٧٦ هـ. (لسان الميزان ٤/٢٦٣، فوات الوفيات ٣/٩٨- ١٠٣، البداية والنهاية ١٤/٨٠- ٨١، الدرر الكامنة ٣/١٣٠) .
[٢] في ط: إبراهيم بن إسماعيل.
[٣] كمال الدين بن يونس: أبو الفتح الموصلي، فيلسوف علّامة بالرياضيات والحكمة والأصول، عارف بالموسيقى والأدب والسير، تعلم بالموصل وبالمدرسة النظامية في بغداد، وقصده العلماء للأخذ عنه، له مجموعة كتب في تفسير القرآن والحكمة والنجوم وغيرها، توفي بالموصل سنة ٦٣٩ هـ. (البداية والنهاية ١٣/١٥٨، وفيات الأعيان ٢/١٣٢، شذرات الذهب ٥/٢٠٦، مفتاح السعادة ٢/٢١٤) .
[٤] لؤلؤ بن عبد الله الأتابكي: أبو الفضائل، بدر الدين، الملقب بالملك الرحيم، صاحب الموصل، كان من أجل الملوك ومن أعلاهم همّة وأسهرهم على رعاياه طالت أيامه بالموصل، قال عنه ابن تغري بردي: (ما أحوج الناس إلى ملك مثله، يملك الدنيا بأسرها، توفي سنة ٦٥٧ هـ. (النجوم الزاهرة ٧/٧٠) .

<<  <   >  >>