للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لله لص جريء القلب محتنك ... مجرّب العزم قتّال مع السّحر

أبصرته فكأنّ الموت صورته ... في كفّه خنجر أمضى من القدر

ومدّ نحوي يدا كانت براحتها ... تفيض نفسي من خوف ومن حذر

ومكّن النّصل من نحري وقال ألا ... ألق الثياب ولا تقدم على الخطر

فقلت دونك عني إنني رجل ... شيخ فقيه وقاض من بني عمر

يرى الورى كلّهم فضلي ويرفعني ... علمي ويشهد لي في البدو والحضر [١]

أما تخاف أما تخشى الإله بأن ... يراك من حيث لا يرضاك فاقتصر [٢]

فقال لي بلسان ناطق ذرب ... كأنّما قدّ ما يلقيه من حجر

أما تراني فتى لصا تعوّذ بي ... من قد رآني من أنثى ومن ذكر

آوي القفار وأحميها ويؤنسني ... سيفي وترسي وقلب محضر المرر

تنبو المضاجع عن جنبي لتحملني ... نفسي عن الكرّ بين الورد والصّدر

سل إن جهلت مكان الليل عن خبري ... يخبرك إن شئت أو لا فاقتحم أثري

أنا الذي أسبق الأقدار في مهل ... مني وأكحل جفن العين بالسّهر

ولا أنام على ثأر يؤرقني ... من الملوك ولا ثاري على القسر [٣]

ما كنت أحسب أني قبل ذاك أرى ... ليثا يحلّ لنا في صورة البشر

فلو أبو هاشم والشافعي وأبو ... حنيفة وابن جهم المجبر القدري

ومالك مقلتهم عينه لقضى ... على ثيابهم في مجلس النظر

أو لو تأبط أو لو أن عروة أو ... عمرو بن معدي أو ذا النابل النمر [٤]

لقيتهم ولظى الهيجاء مسعرة ... ترمي رحاها حماة البأس بالشرر

لأوردتهم ظباه موردا كدرا ... مرا وكيف لهم بالمورد الكدر

فمن عذيري ممّا قد بليت به ... في صبح يوم بدا عن حيّة ذكر

فقال له القوم: ما يقول القاضي في هذا الرجل؟ فقال: ما أقول في رجل تفصح شمائله عن أبوّته، وتنطق مخايله عن مروء ته، هو من قبلي في أوسع عذر، وأفسح أجر، فاني لا


[١] في ب، ل: في العدو والحضر. وهو تحريف.
[٢] في ب، ل: لا يراك فاقتصر. وهو تحريف.
[٣] في ب، ل: على القمر.
[٤] يشير إلى لصوص العرب وفرسانهم وصعاليكهم: تأبط شرا، وعروة بن الورد، وعمرو بن معدي كرب الزبيدي، وغيرهم.

<<  <   >  >>