للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الملوك فأعجبته، وأعجبها، فأمرها باتباعه، فوضعت رأس عبود على حجر، وانطلقت مع ابن الملك، وانتبه عبود من نومه، فبقي حائرا، فمر به قوم فسألهم، فأخبروه أنهم رأوها مع ابن الملك في هودجه، فسار حتى لحقه وتعلق بدابتها، فقيل له: ما نريد؟

فقال: إن عند هذه المرأة وديعة لي، فلتردها عليّ، ولتذهب حيث شاءت، فقالت: وما هي؟ قال: ما وهبته لك من عمري، فقالت: قد رددته عليك، فعادت ميتة لوقتها.

قال السلفي: أنشدنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أنشدنا أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي، قال:/ أنشدنا أبو الحسن علي بن محمد بن القاسم المخزومي قال: أنشدنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مجاهد قال: أنشدنا محمد بن الجهم السمّري [١] لنفسه: [البسيط]

لا تضجرنّ عليلا كنت عائده ... إنّ العيادة يوما إثر يومين

وقد روى مندل عن جابر خبرا ... ألا يطيل جلوسا قبل ذي الدين

بل سله عن حاله وادع الإله له ... واجلس بقدر فواق بين حلبين

من زار غبّا أخا دامت مودته ... وكان ذاك صلاحا للخليلين [٢]

رفع إسحاق بن الشريح كبير اليهود في بغداد رقعة إلى ابن الدهابي صاحب المخزن، فنظر فيها وكتب على رأس الرقعة: ينظر في حال رافعوها [٣] ، فلما قرأها اليهودي قال على البديهة: [البسيط]

مذ كان همكم في جبر منكسر ... ورفد مفتقر أو بسط منقبض

هذا يراعكم في الفضل حذركم ... فليس ينكر منه رفع منخفض

وجدت بخط الحافظ رشيد الدين محمد بن الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري، سمعت الإمام جمال الدين علي بن إبراهيم القرشي المخزومي يقول: ذكر لي الفقيه الإمام مرتضى الدين بن القسطلاني أنه كان عند الشيخ ابن الحطيئة، وقد أحضر إليه بيضة دجاجة على صفة الخشكنانكة، فتعجب منها الحاضرون، فقال الشيخ:/ [المجتث]

سبحان من ألبس البيض ... حلّة الخشكنان [٤]


[١] محمد بن الجهم السمري: أبو عبد الله الكاتب صاحب الفراء، روى كتابه في معاني القرآن، وهو أحد الثقات من رواة السّند، توفي سنة ٢٧٧ هـ. (معجم الأدباء ١٨/١٠٩) .
[٢] في ع: دامت محبته.
[٣] كذا في الأصول، والصواب: رافعيها، ولعله يريد الإشارة إلى جهل صاحب المخزن إذ رفع المجرور.
[٤] الخشكنان: قد تكلمت به العرب، قال الراجز:
يا حبذا الكعك بلحم مثرود ... وخشكنان وسويق مقنود
وفسره داود في التذكرة بأنه دقيق الحنطة، إذا عجن بشيرج، وبسط ومليء بالسكر واللوز والفستق وماء الورد، وجمع وخبز، وأهل الشام تسميه المكفن (المعرب للجواليقي ص ١٣٤، وانظر هامش المحقق) .

<<  <   >  >>