للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يضرب إذا حكم، ويفتخر له ولم، ويرعد ويضطرب، ويبعد ويقترب، حتى كانه قتل عنترة، أو فتح قلعة مسترة [١] ، يتأوّه على الشرع من بعده، ويزيد في الشريعة سياسات من عنده، الويل له من هذه الأعمال، كيف يحتاج دين الله إلى إكمال، لقد وقع في عار، لا تغسله مياه الأنهار، قل للذي ما تأدب مع العلوم وأهلها، تهير لحظ البرايا عليه والنفرات، عاص يريد الشريعة نورا ويصبغه بالنيل للنهر الأسود ولو حكى ابن فرات [٢] ، لما رأى خلو مجلسه، وقلة مؤنسه، وانقطاع الأعيان عن داره، وإهمال الخاصة له لصغر مقداره، قال له رأيه الفاسد إلى متى أنت مهجور كاسد، فازجر وانتهر، وقبّح حتى تشتهر، فآذى ونادى، وجرح وما داوى، فطفر الناس عليه بهذه الطفرة، وما زادهم عنه إلا نفرة، وكشفوا ظلته، وعرفوا علّته: [الكامل]

حال النّحاة على العموم تميّزت ... عندي لأنّ القوم أهل خصوص

من أجل قاض قد رموه بعلّة ... ودعوه بالمستثقل المنقوص

إذا جلس خلت غولة جالسة، وإذا تكلم مطيلسا، قلت جاء البرد والطيالسة [٣] ، لا قراءة له ولا قرى [٤] ، فليت العيون اكتحلت منه بأميال السرى،/ يحب من القرآن: أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا

[٥] ، ومن الحديث: (أباهي بكم الأمم) [٦] ، حتى بالسقط، ومن الفقه سقوط يد السارق بآفة، ومن النحو سقوط التنوين بأل والإضافة، ومن الشعر [٧] : [الوافر]

وما للمرء خير في حياة ... إذا ما عدّ من سقط المتاع

[و] : [الرجز]

يحبّ من كلّ علم ... السين والقاف والطا

حاشا الرسالة منه ... ما خلقه بالموطّا

يتنفس على الناس الصعداء، ويؤذي الأشقياء والسعداء، لقي بعض الناس منه ما لقي،


[١] قلعة مسترة: موضع لم أجده في معجم البلدان.
[٢] قوله: (قل للذي ما تأدب..... ابن فرات) كأنهما بيتا شعر، ولكنهما غير موزونين.
[٣] مطيلسا: مبهما، طلس الشىء، طمسه ومحاه. والطيالسة: جمع طيلسان أو الطالسان، ضرب من الأوشحة يلبس على الكتف، أو يحيط بالبدن، فارسي معرب، وهو من لباس العجم، والطيالسة هنا شتم، أي يا عجمي.
[٤] القرى: طعام الضيف.
[٥] التوبة ٤. وتمام الآية: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي، أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ.
[٦] الحديث برواية (مكاثر بكم الأمم) أخرجه ابن حبان في صحيحه.
[٧] البيت لقطري بن الفجاءة من قطعة في ديوان الخوارج ص ١٢٢.

<<  <   >  >>