للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكم عاطل حلّاه جوهر بحره ... وكم مظلم جلّاه كوكبه الدّري [١]

قال الأديب برهان الدين القيراطي [٢] يرثي جمال الدين الإسنوي: [البسيط]

يا بحر بعدك ماء العين منهمل ... والناس مذ غاب عنهم أنسكم همل [٣]

إليك تضرب آباط المطيّ كما ... بسيف ذهنك فينا يضرب المثل

فيا جليل صفات للتراب مضى ... قد جلّل الأرض هذا الحادث الجلل

أبكي مصاب جمال الدين حين بكى ... عليه من بفنون العلم يشتغل

سما ففي العلم قد فاقت فوائده ... زهر السما وهي في الآفاق تنتقل

خلّى تصانيفه فينا عرائس من ... جمالهنّ يزان الحلي والحلل

مكمّل بخلال قد شرفن فما ... في عودها خور يلفى ولا خلل

زادت مهمّاته علم الأنام به ... إنّ المهمّات فيها يعرف الرجل [٤]

سقى ثراك من الغفران منهمر ... وجاده من سحاب العفو منهمل

وقال القيراطي يرثي الشيخ بهاء الدين السبكي [٥] : [الطويل]

ستبكيك عيني أيّها البحر بالبحر ... فيومك قد أبكى الورى من ورا النهر

لقد كنت بحرا للشريعة لم تزل ... تجود علينا بالنفيس من الدرّ [٦]

لقد كنت في كلّ الفضائل أمّة ... مقالة صدق لا تقابل بالنّكر

لقد كنت في الدنيا جليلا تعده ... بنوها لتيسير الجليل من العسر

إليك يردّ الأمر في كلّ معضل ... إلى أن أتى ما لا يردّ من الأمر

تعزّي بك الأمصار مصر لعلمها ... بأنّك ما زلت العزيز على مصر

مضيت فما وجه الصباح بمسفر ... وبنت فما ثغر الأقاحي بمفتر


[١] قوله: (مظلم جلاه) ساقطة من ب. وفي ش: وكم حائر أهداه، وفي ع: وكم هامل أهداه كوكبه الدري.
[٢] القيراطي: سبقت ترجمته، وللقيراطي قصيدة أخرى في رثاء الشيخ جمال الدين، ذكرها السيوطي في حسن المحاضرة ١/٤٣٠، وهي اثنتان وتسعون بيتا، مطلعها:
نعم قبضت روح العلا والفضائل ... بموت جمال الدين صدر الأفاضل
[٣] في ب، ش، ل: ماء العين ينهمل، وفي ب: بعد ماء العين.
[٤] في ب: علم الإمام.
[٥] سبقت ترجمة السبكي، وقد ذكر السيوطي واحدا وثلاثين بيتا من هذه القصيدة في حسن المحاضرة، في ترجمة السبكي ١/٤٣٥.
[٦] في حاشية ش: قف مرثية غراء.

<<  <   >  >>