للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أذود الهوى عني وقلبي يطيعه ... فما حيلتي يا جمل والقلب خاذلي

وأحمل في حبّيك ما لا أطيقه ... وما فزت يوما في رضاك بطائل

ومن حكّمت فيه الغواني فانه ... جدير بحكم جائر غير عادل

ومن ثأره عند الذوائب والطلى ... فلا يرتجي نصر الظبا والذوابل

ومن راح في أسر اللواحظ لم يزل ... طليق جفون بالدموع الهوامل

ولا تحسبي يا جمل أنّي عاشق ... يزول غرامي فيكم بالتواصل

ولكنني أزداد بالقرب والنوى ... هياما وداء الحبّ ليس بزائل

حرام على قلبي السلوّ لأنني ... أراه بعيدا عن يد المتناول

وبيت كثير قل من يهتدي به ... وغير عجيب أن يفوه بباطل [١]

أيعشق من ملك الهوى رقّ عاشق ... مشاع لأدواء الغرام القواتل

لسهد ووجد واكتئاب ولوعة ... وفرط أسى باد وتعنيف عاذل

لقد فاز من حاز الغرام فؤاده ... لقد حاز أسمى رتبة للفضائل [٢]

وما العيش إلا صبوة وصبابة ... ومنزلة العشّاق أسمى المنازل [٣]

فلما نفثت فيّ من سحر لفظها الحلال، وملكت لبي بحلاوة/ المقال، جاريتها في الكلام، وناضلتها بما فضل في كنانة فكري من السهام. ثم قلت: قد كان ذلك أيام شبابي، ونشأتي في صهباء التصابي، والآن فقد نهاني رقيب المشيب عن مواصلة الحبيب، أما رأت عيناك يقق لمّتي [٤] ، وضعف حركاتي وقوتي، وفتور بوادر همّتي، أما سمعت أذناك بديع نسيبي في وصف مشيبي: [الطويل]

كبرت ولم أشعر وشابت مفارقي ... وفارقت لذّاتي وهنّ عجائز

ولانت قناتي بعد طول صلابة ... وليس لها يوما سوى الدهر غامز

فلو قيل لي يا شيخ قلت لعلّه ... سواي الذي يدعى وقلبي قافز

وكم رضت خيلا للأماني سوابقا ... لها من تصاريف التصابي مهامز

وجلت بميدان الشباب إلى مدى ... له الشيب عن نهج الغواية حاجز


[١] ش، ل: يقتدي به.
[٢] ش، ط: ربقة للفضائل، وصدر هذا البيت والذي يليه مطموسان ببقعة حبر في ط.
[٣] هذه الصفحة في نسخة ع جاءت متأخرة في غير موضعها وضعت في ص ٣٧ ب من تسلسل الأصل.
[٤] يقق اللمة: بياض الشعر.

<<  <   >  >>