للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أردنا/ ذلك، سمعنا من فقهائنا، ولم نشخصكم من بلدانكم، فلماذا أحضرت هذا المجلس؟ فقال: يخلي لي أمير المؤمنين مجلسه إن أراد أن يسمع كلامي في ذلك، فانصرف من كان بحضرة أمير المؤمنين، وقيل له: تكلم، قال: يا أمير المؤمنين، أتكلم على الأمان، وعلى طرح التعمل [١] والهيبة، قال: ذلك لك، قال: يدعو أمير المؤمنين بمصحف، فأمر به فأحضره، قال: يأخذه أمير المؤمنين فيتصفحه، حتى يصل إلى سورة الرحمن، فأخذه وتصفحه حتى وصل إلى سورة الرحمن، فقال: يقرأ أمير المؤمنين، فقرأ، فلما بلغ وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ

[٢] ، قال: كف يا أمير المؤمنين ههنا، فوقف، فقال: يقول أمير المؤمنين والله فاشتد على الرشيد وقال له: ما هذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين، على هذا وقع الشرط، فنكّس رأسه، ثم قال: والله، قال: الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، إلى أن بلغ آخر اليمين، ثم قال: إنك يا أمير المؤمنين تخاف مقام الله؟ قال هارون: إني أخاف مقام الله، فقال: يا أمير المؤمنين، فهي جنتان وليست بجنة واحدة، كما ذكر الله في كتابه، فسمعت التصفيق والفرح من خلف الستر، وقال هارون: أحسنت والله، بارك الله فيك، ثم أمر بالجوائز والخلع لليث بن سعد، وأمرت له زبيدة بضعف ما أمر به الرشيد./

قال فارس بن أحمد، كان محمد بن الخليل، أبو بكر المقري الأخفش الصغير [٣] جليلا، وهو أكبر أصحاب ابن الأخرم، قال: وحدثني بعض أصحابه أنه كان يحفظ ثلاثين ألف بيت شعر شاهد في كتاب الله عز وجل.

أنشدنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك، أنشدنا أبو شجاع فارس بن الحسين الذهلي لنفسه في كتاب الشهاب [٤] للقضاعي [٥] الذي طبق الأرض: [البسيط]

إن الشهاب شهاب يستضاء به ... في العلم والحلم والآداب والحكم


[١] في ب: طرح التعمد.
[٢] سورة الرحمن ٤٥.
[٣] الأخفش الأصغر: علي بن سليمان بن الفضل أبو المحاسن، نحوي من العلماء من أهل بغداد، أقام بمصر ثم خرج إلى حلب، ثم عاد إلى بغداد، له تصانيف منها (شرح سيبويه) و (الأنواء) ، و (المهذب) ، توفي ببغداد سنة ٣١٥ وهو ابن ثمانين عاما. (وفيات الأعيان ١/٣٣٢، بغية الوعاة ٣٣٨، إنباه الرواة ٢/٢٧٦) .
[٤] في ش: كتاب الشهادة.
[٥] القضاعي: محمد بن سلامة بن جعفر، أبو عبد الله، مؤرخ ومفسر، من علماء الشافعية، كان كاتبا للوزير الجرجرائي (علي بن أحمد) بمصر في أيام الفاطميين، أرسل في سفارة إلى الروم فأقام قليلا في القسطنطينية، وتولى القضاء بمصر، من كتبه: الشهاب في المواعظ، وتفسير القرآن، وتواريخ الخلفاء، وخطط مصر، وغيرها، توفي بمصر سنة ٤٥٤ هـ. (وفيات الأعيان ١/٤٦٢، حسن المحاضرة ١/٧٦، ٢٢٧، طبقات السبكي ٣/٦٢، الوافي بالوفيات ٣/١١٦) .

<<  <   >  >>