= ليس لله حد ولا غاية ولا نهاية. وهذا هو الأصل الذي بنى عليه جهم جميع ضلالاته واشتق منها أغلوطاته، وهي كلمة لم يبلغنا أنه سبق جهماً إليها أحد من العالمين فقال له قائل ممن يحاوره: قد علمت مرادك بها أيها الأعجمي، وتعني أن الله لا شيء؛ لأن الخلق كلهم علموا أنه ليس شيء يقع عليه اسم الشيء إلا وله حد وغاية وصفه، وأن لا شيء ليس له حد ولا غاية ولا صفة. فالشيء أبداً موصوف لا محاله ولا شيء يوصف بلا حد ولا غاية. وقولك: لا حد له يعني أنه لا شيء. قال أبو سعيد: والله تعالى له حد لا يَعْلَمُهُ أحدٌ غيره، ولا يجوز لأحد أن يتوهم لحده غاية في نفسه، ولكن يؤمن بالحد ويكل علم ذلك إلى الله. ولمكانه أيضاً حد وهو على عرشه فوق سماواته فهذان حدان اثنان … ثم قال: وقد اتفقت الكلمة من المسلمين والكافرين أن الله في السماء، وحدوه بذلك إلا المريسي الضال وأصحابه، حتى الصبيان الذين لم يبلغون الحنث قد عرفوه بذلك. انظر النقض على المريسي ١/ ٢٢٣ - ٢٢٨.
والخلاصة: أن الحد من الألفاظ التي لم ترد لا في الكتاب ولا في السنة نفياً ولا إثباتاً، بل هي كلفظ الجهة، والجسم، والحيز ألفاظ حادثة رسائل من أطلقها عن مراده فإن قصد بالحد بأن الله منفصل عن الخلق بائن منهم فهذا حق، وإن أراد بنفي الحد: أن العباد لا يعلمون لله حد، ولا يعرفون كيفية صفاته فهذا حق وقال ابن خزيمة:«جل ان يوصف بالذرعا، والاشبار». انظر التوحيد ١/ ٩٤ قال ابن تيميه «التقدير في حق الله باطل على قول من يثبت له حداً ومقداراً، من أهل الإثبات، وعلى قول نفاة ذلك». بيان التلبيس ٦/ ٥٢٧، ولعلى هذا ما قصده الأشعري - رحمه الله - بنفي الحد، حيث سلك مسلك السلف بذلك ولمعرفة المزيد في مسألة الحد انظر نقض الإمام الدارمي على المريسي ١/ ٢٢٣، وبيان تلبيس الجهمية ٢/ ٥٢٧ - ٦٢٩، ٣/ ٣ - ٨٤، ٦/ ٥١١ - ٥١٣، والدرء ٢/ ٢٢٥ - ٢٣٥، ومجموع الفتاوى ٣/ ٤١ - ٤٣، ٥/ ٢٩٨ - ٣٠٩، ٦/ ٣٨ - ٤٠، والرد على السجزي ١٣١ - ١٣٣.