ثالثاً: ومن الدلائل الأخرى على إقحام هذه الزيادة وأنها من قبل أحد النساخ أن الأشعري ذكر الكلام عن الاستواء أكثر من مرة في الإبانة، أولها ما في ص ٢١ (من طبعة د. فوقية حسين) ثم ذكرها في ص ١٠٥ ثم في ص ١١٣، وفي هذه المواضع الثلاثة تنفرد نسخة بلدية الإسكندرية دون غيرها من النسخ بزيادة يغلب على الظن أنها ليست من كلام الأشعري، ففي الموضع الأول ذكرت الزيادة مطولة، وفي الموضع الثاني قال «من غير طول استقرار» وفي الموضع الثالث قال: «استواء منزهاً عن الحلو والاتحاد». وكل هذا يؤكد حرص كاتب هذه النسخة على إقحام هذه اللفظة بالذات، على إلحاق تلك الزيادات التي تتماشى مع نزعته التأويلية. رابعاً: ولعل من أقوى الأدلة في نظري على إقحام هذه الزيادة أن عدداً كبيراً من أهل العلم المحققين المدققين قد نقلوا نص الأشعري من هذا الموضع، ولم يذكروا فيه تلك الزيادة المقحمة مطلقاً، مما يقطع بأن النُسخ التي كانت متاحة لديهم ليس فيها هذا النص المقحم، وقد أشار الذهبي في كتابه العلو إلى أن نسخ الإبانة كانت بخط النووي رحمه الله (الذهبي: العلوم ٢/ ١٢٤٠ ترجمة ٤٩٧) وهو عالم كبير مدقق محقق، ومن العلماء الذين حكوا كلام الأشعري دون هذه الزيادة: ١ - ابن عساكر في تبيين كذب المفتري ص ١٥٨، بل وفي الطبعة التي علق عليها الكوثري وردت هذه العبارة، من غير هذه الزيادة مما يؤكد إنها مقحمة. انظر: ص ١٢٨). ٢ - شيخ الإسلام ابن تيمية في العديد من كتبه ومنها (مجموع الفتاوى ٥/ ١٤٢)، ودرء التعارض (درء التعارض ٧/ ١٠٤)، وبيان تلبيس الجهمية (٢/ ١٥، والطبعة المحققة ٣/ ٣١٣). ٣ - ابن القيم في كتابه اجتماع الجيوش الإسلامية (ص ١٦٩).