للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= سياق الكلام وقرائنه. ويرد على هذا القول: بأن إطلاق لفظ الحمار والأسد على البليد والشجاع هو إطلاق على حقيقته في هذا الاستعمال، فلا يصح القول بأن هذه الألفاظ قد استعملت في غير معناها الحقيقي، فلو قلنا مثلاً: رأيت أسداً يرمي الأعداء فإن الذهن لا ينصرف إطلاقاً إلى ذلك الحيوان المفترس من السباع بل ينصرف إلى الشجاعة ويفهم منه على الإطلاق أنه رجل، كذلك بالإنسان البليد فلا يفهم أنه الحمار، بل يفهم الغباء فيكون في هذه الحالة قد أطلق على حقيقته؛ لأنها هي التي تتبادر إلى الذهن عند الإطلاق.
ب- إن الله قال في القرآن: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} الإسراء آية (٢٤) فإضافة الجناح للذل مجاز؛ لأن الجناح ما له ريش وهو حقيقة في الطائر. ولكن يرد على هذا القول بما يلي:
١. أن القول بأن الجناح حقيقة في الطائر يقتضي بأن أجنحة الملائكة ليست حقيقية، وهذا خطأ بين لقوله تعالى: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} فاطر آ ية (١)، بل يقتضي هذا القول أن كل ما أطلق على الملك وعلى البشر يكون في البشر حقيقة كالسمع والبصر والكلام وفي حق الملك مجاز وهذا قمة في الجهل والعبث في النصوص.
٢. بأن الجناح هنا مستعمل على حقيقته؛ لأنه يطلق على يد الإنسان وعضده لقوله تعالى: {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} القصص آية (٣٢) والخفض قد استعمل في معناه الحقيقي الذي هو ضد الرفع؛ لأن المقصود هنا إظهار الذل والتواضع بخفض الجناحين للوالدين لأن مريد البطش يرفع جناحيه.
٣. الذل ليس له جناح كجناح الطائر والطائر ليس له جناح كأجنحة الملائكة ولا =

<<  <   >  >>