= جـ - واستدلوا بقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} سورة يوسف آية (٨٢)، وقالوا المقصود اسأل أهل القرية. قلت: ولكن يرد على هذا القول بما يلي: ١. لماذا لا يكون المقصود على حقيقته بأن يوجه السؤال إلى المساكن؛ لأن يعقوب عليه السلام نبي فلو سأل القرية لأجابته بقدرة الله. ٢. أن القرية اسم للقوم المجتمعين في مكان واحد، فهو اسم للحال والمحال، فيتناول المساكن وسكانها، كاسم الإنسان فإنه يعود للروح والجسد فلفظ القرية إذا اطلق تناول الساكن والمسكن، وإذا قيد بتركيب معين واستعمال خاص كان حقيقةً فيما قيد به ومثال ذلك قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً} سورة النحل آية (١١٢) فهذا حقيقةٌ في الساكن، وقد يراد به المسكن كقوله تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ} سورة البقرة آية (٢٥٩)، فالذي يتبادر للذهن هو الحقيقية فلا مجاز هنا ولا حذف. د- واستدلوا بقوله تعالى: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} سورة الكهف آية (٧٧)، فقالوا إسناد الإرادة إلى الجدار مجاز؛ لأن الجماد لا تصح منه إرادة، لأنها لا تحصل إلا من الحيوان ويرد على هذا بما يلي: ١. ما الذي يمنع من صدور الإرادة من الجدار، بل ثبت أن للجمادات إرادات حقيقية لا نعلمها. الله -جل وعلا- يعلمها لقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} سورة الإسراء آية (٤٤)، ولقوله - -صلى الله عليه وسلم-: (إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم علىّ قبل أن أُبعث، وإني لأعرفه الآن) أخرجه مسلم ك: الفضائل، ب: فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم وتسليم الحجر عليه قبل النبوة حديث رقم (٢٢٧٧)، فما الذي يمنع أن يكون للجدار إرادة حقيقية؟.=