وأما الرزق الذي ضمنه الله الله لعباده، فهو قد ضمن لمن يتقيه أن يجعل له مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب، وأما من ليس من المتقين فضمن له ما يناسبه، بأن يمنحه ما يعيش به في الدنيا، ثم يعاقبه في الآخرة، كما قال عن الخليل: {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}. وقال الله: {وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} والله إنما أباح الرزق لمن يستعين به على طاعته، لم يبحه لمن يستعين به على معصيته، بل هؤلاء وإن أكلوا ما ضمنه لهم من الرزق فإنه يعاقبهم، كما قال: {وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}. مجموع الفتاوى ٨/ ٥٤٤. وقال في عقائد الثلاث والسبعين فرقة: ((وأما قولهم: إن العبد إذا تغذى بغذاء حرام إنه ليس من رزق ربه، بل هو من رزق نفسه فهذا غير صحيح؛ لأنه يقول في محكم كتابه: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} فذكر سبحانه أنه قسم معيشتهم حلالها وحرامها، فلا قاسم لها غيره»، عقائد الثلاث والسبعين فرقة ١/ ٤٣٤ و ٤٣٥ باختصار. وخالفت في ذلك المعتزلة فقالوا: «إن الأجسام الله خالقها، وكذلك الأرزاق، وهي أرزاق الله - سبحانه! - فمن غصب إنساناً مالاً أو طعاماً فأكله أكل ما رزق الله غيره ولم يرزقه إياه، وزعموا بأجمعهم أن الله - سبحانه! - لا يرزق الحرام، كما لا يملك الله الحرام، وأن الله - سبحانه! - إنما رزق الذي مَلّكه إياهم، دون الذي غصبه». المقالات ص ٢٥٠ وشرح الأصول الخمسة ٧٨٤ - ٧٨٨، قلت: وقد وافقهم بعض الخوارج، انظر: المقالات حولهم في رزق الحرام، ص ١١١.