اليهود، والياً على الشام، فأظهر ابن نسطورس ومنشأ محاباة جليَّة لبني ملتهم، فعينوهم في مناصب الدولة بعد أن أقصوا المسلمين عنها، فقدم المسلمون الاحتجاجات على تلك المحاباة التي أظهرها الخليفة لغير المسلمين وبلغ من حال هؤلاء الساخطين أن كتبت امرأة إلى العزيز: بالذي أعز اليهود بمنشأ، والنصارى بعيسى بن نسطورس، وأذل المسلمين بك ألا كشفت ظلامتي (١) .
فأمر بالقبض على ابن نسطورس، وكتب إلى الشام بالقبض على منشأ وغيره من الموظفين اليهود، وأمر برد الدواوين والأعمال إلى الكتاب المسلمين، وعيَّن القضاة للإشراف على أعمالهم في جميع أنحاء الدولة، لكن الأمير ست الملك ابنة الخليفة شفعت لابن نسطورس فردّ العزيز الوزارة إليه ثانية، وشرط عليه استخدام المسلمين في الحكومة.
ولقد تقلد أهل الكتاب أرقى المناصب وأعلاها في عهد العزيز (٣٦٥-٣٧٦) ، وشغلوا في عهد المستنصر (٤٢٧-٤٨٧) ، ومن جاء بعده من الخلفاء، معظم المناصب المالية في الدولة، بل تقلَّدُوا الوزارة أيضاً.