للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

((أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد فجاء الله بنا، فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة، المقتضي لهم)) . وفي رواية: ((المقضي بينهم - قبل الخلائق)) (١) . وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة عيداً في غير موضع ونهى عن إفراد بالصوم لما فيه من معنى العيد.

وجه الاستدلال من الحديث:

أنه ذكر أن الجمعة لنا، كما أن السبت لليهود، والأحد للنصارى، واللام تقتضي الاختصاص، وهذا الكلام يقتضي الاقتسام، فإذا قيل: هذه ثلاثة أبواب: هذا لي، وهذا لزيد وهذا لعمرو. أوجب ذلك أن يكون كل واحد مختصاً بما جعل له، ولا يشركه فيه غيره. فإذا نحن شاركناهم في عيدهم يوم السبت، أو عيد يوم الأحد، خالفنا هذا الحديث، وإذا كان هذا في العيد الأسبوعي، فكذلك في العيد الحولي , إذا لا فرق، بل إذا كان هذا في عيد يُعرف بالحساب العربي، فكيف بأعياد الكافرين العجمية التي لا تُعرف إلا بالحساب الرومي أو القبطي أو الفارسي أو العبري ونحو ذلك (٢) .

ثالثاً: ومن الإجماع:

ما تقدم التنبيه عليه، من أن اليهود والنصارى والمجوس، ما زالوا في أمصار المسلمين بالجزية، يفعلون أعيادهم التي لهم والمقتضي لبعض ما يفعلونه قائم في كثير من النفوس، ثم لم يكن على عهد السابقين من المسلمين، من يشركهم في شيء من ذلك، فلولا قيام المانع في نفوس الأمة، كراهة ونهياً عن ذلك، وإلا لوقع ذلك كثيراً، والمانع هو الدين، فعُلِم أن الدين دين الإسلام هو المانع من الموافقة، وهو المطلوب.

أنه قد تقدَّم في شروط عمر - رضي الله عنه - التي اتفقت عليها الصحابة، وسائر الفقهاء بعدهم، أن أهل الذمة من أهل الكتاب لا يظهرون أعيادهم في دار الإسلام،


(١) - ورواه مسلم في صحيحه (٢/٥٨٦) كتاب الجمعة، حديث رقم (٨٥٦) ، ورواه النسائي في سننه (٣/٨٧) كتاب الجمعة، باب إيجاب الجمعة.
(٢) - ويُراجع: اقتضاء الصراط المستقيم (١/٤٥٠- ٤٥١) .

<<  <   >  >>