للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمما تقدم من الآثار نري أن عمر - رضي الله عنه- نهى عن تعلم لسانهم، وعن مجرد دخول الكنيسة عليهم يوم عيدهم، فكيف بفعل بعض أفعالهم؟! أو فعل ما هو من مقتضيات دينهم؟. أليست موافقتهم في العمل أعظم من الموافقة في اللغة؟. أو ليس عمل بعض أعمال عيدهم أعظم من مجرد الدخول عليهم في عيدهم؟ .

وإذا كان السخط ينزل عليهم يوم عيدهم بسبب عملهم، فمن يشركهم في العمل أو بعضه أليس قد تعرض لعقوبة ذلك؟

ثم قال: ((اجتنبوا أعداء الله في عيدهم)) . أليس نهياً عن لقائهم والاجتماع بهم فيه؟ فكيف بمن عمل عيدهم؟ وأما عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - فصرح أنه: من بنى ببلادهم، وصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت حُشر معهم. وهذا يقتضي أنه جعله كافراً بمشاركتهم في مجموع هذه الأمور، أو جعل ذلك معصية؛ لأنه لو لم يكن مؤثراً في استحقاق العقوبة، لم يجز جعله جزاءاً من المقتضي، إذا المباح لا يُعاقب عليه، وليس الذم على بعض ذلك مشروطاً ببعض، لأن أبعاض ما ذكره يقتضي الذم منفرداً، وإنما ذكر - والله أعلم - من بني ببلادهم، لأنهم على عهد عبد الله بن عمر وغيره من الصحابة كانوا ممنوعين من إظهار أعيادهم بدار الإسلام، وما كان أحد من المسلمين يتشبه بهم في عيدهم، وإنَّما كان يتمكن من ذلك بكونه في أرضهم.

وأما علي - رضي الله عنه -، فكره موافقتهم في اسم يوم العيد الذي ينفردون به، فكيف بموافقتهم في العمل؟ (١) .

ومن الاعتبار: وجوه عدة، منها:

* الوجه الأول:

أن الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك، التي قال الله سبحانه وتعالى فيها:


(١) - ويُراجع: اقتضاء الصراط المستقيم (١/٤٥٥-٤٦٠) .

<<  <   >  >>