للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني

[بدعة التشاؤم بصفر]

ورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم ((لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولاصفر)) (١) .

واختلف العلماء في قوله ((لا عدوى)) ، فهل المراد النهي أو النفي؟.

قال ابن قيم الجوزية: (هذا يحتمل أن يكون نفياً، أو يكون نهياً، أي: لا تتطيروا، ولكن قوله في الحديث: ((لا عدوى ولاصفر ولا هامة)) يدل على أن المراد النفي، وإبطال هذه الأمور التي كانت الجاهلية تعانيها، والنفي في هذا أبلغ من النهي؛ لأن النفي يدل على بطلان ذلك، وعدم تأثيره، والنهي إنما يدل على المنع منه) ا. هـ (٢) .

وقال ابن رجب: (اختلفوا في معنى قوله: ((لا عدوى)) ، وأظهر ما قيل في ذلك: أنه نفي لما كان يعتقده أهل الجاهلية، من أن هذه الأمراض تعدي بطبعها، من غير اعتقاد تقدير الله لذلك، ويدل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم: ((فمن أعدى الأول)) ، يشير إلى الأول إنما جرب بقضاء الله وقدره، فكذلك الثاني وما بعده) ا. هـ (٣) .

قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا........} (٤) .

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا صفر)) ، فاختلف في تفسيره:

أولاً: قال كثير من المتقدمين: الصفر داء في البطن. يقال: أنه دود فيه كبار كالحيات، وهو أعدى من الجرب عند العرب، فنفى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وممن قال بهذا من


(١) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (١٠/٢١٥) كتاب الطب، حديث رقم (٥٧٥٧) .
(٢) - يراجع: مفتاح دار السعادة (٢/٢٣٤) .
(٣) - يراجع: لطائف المعارف ص (٦٨) .
(٤) - سورة الحديد: الآية٢٢.

<<  <   >  >>