ومما أُحدث في القرون الأخيرة: الاحتفال برأس القرن الهجري، وذلك كما حدث في بداية القرن الخامس عشر الهجري، فقد احتفلت بعض البلاد الإسلامية بهذه المناسبة، وأقيمت المحافل الخطابية، وتبادل بعضهم التهاني بهذه المناسبة، وطبعت بعض الكتب مصدرة بعبارة (بمناسبة الاحتفال بالقرن الخامس عشر الهجري) ، وليس الاعتراض على طبع الكتب، فنشر الكتب من تبليغ العلم، لاسيما إذا كانت سلفية، أو ذات منهج سلفي، ولكن الاعتراض على جعل بداية القرن موسماً من المواسم التي يحتفل الناس بها، فالاحتفال برأس القرن الهجري أمر محدث مبتدع، والنبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الإحداث في الدين.
فالاحتفال برأس القرن الهجري منهي عنه من وجهين:
الوجه الأول:
النهي عن الاحتفال به قياساً على الاحتفال برأس السنة؛ وسبق أن عرفنا أن عيد رأس السنة من أعياد اليهود، وقلدهم فيه النصارى ثم المسلمون، والتشبه بالكفار قد نهى عنه الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، والرسول صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة (١) .
وما دام الأصل منهي عنه، فكذلك يكون الفرع، فيكون الاحتفال برأس القرن الهجري من الأمور المنهي عنها؛ لأنَّ الاحتفال به فيه مشابهة لأهل الكتاب.
الوجه الثاني:
النهي عنه لكونه أمراً محدثاً مبتدعاً؛ لأنَّهُ لم يؤثر عن السلف الصالح من التابعين وتابعيهم، وعلماء الأمة المشهورين كالأئمة الأربعة وغيرهم، ولا من جاء بعدهم، أنه احتفل برأس القرن الهجري، ولم يرد في كتب التاريخ -حسب اطلاعي المحدود- أن أحداً من العلماء أو الحكام احتفل برأس قرن من القرون، ولو كان خيراً لسبقنا إليه من هو أحرص منا على الخير وهم السلف الصالح - رحمة الله عليهم-.