للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالخير كله في الاتباع، والشر كله في الابتداع (١) .

سابعاً: بعض بدع ليلة ختم القرآن:

ومما أحدث في هذا الشهر العظيم: رفع الصوت بالدعاء بعد ختم القرآن، ويكون هذا الدعاء جماعياً، أو كل يدعو لنفسه، ولكن بصوت عال، مخالفين بذلك قوله تعالى {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} (٢) . وهذا الشهر العظيم موضع خشوع وتضرع وابتهال، ورجوع إلى سبحانه وتعالى بالتوبة النصوح الصادقة مما قارفه من الذنوب، والسهو والغفلات والتقصير في الطاعة فينبغي أن يبذل الإنسان جهده، كل على قدر حاله، ويدعو الله بالأدعية الصحيحة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين والسلف الصالح، والتي تخلو تماماً من دعاء غير الله أو التوسل به.

وسرية الدعاء أحرى للإخلاص فيه، بعيداً عن الرياء والسمعة، فعندما رفع الصحابة أصواتهم بالدعاء قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم. فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً، إنه معكم، إنه سميع قريب، تبارك اسمه، وتعالى جده)) (٣) . وفي رواية لمسلم: ((والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلة أحدكم)) (٤) .

ومن البدع التي أحدثت في ليلة ختم القرآن:

اجتماع المؤذنين تلك الليلة فيكبرون جماعة في حال كونهم في الصلاة، لغير ضرورة داعية إلى السمع الواحد، فضلاً عن جماعة، بل بعضهم يسمعون ولا يصلون، وهذا فيه ما فيه من القبح والمخالفة لسنة السلف الصالح -رحمه الله عليهم-.

أنه إذا خرج القارئ من الموضع الذي صلى فيه، أتوه ببغلة أو فرس ليركبها، ثم تختلف أحوالهم في صفة ذهابه إلى بيته، فمنهم من يقرأ القرآن بين يديه، كما يفعلونه أمام جنائزهم من عاداتهم الذميمة، والمؤذنون يكبرون بين يديه كتكبير العيد.


(١) - يراجع: المدخل لابن الحاج (٢/٢٩٣، ٢٩٤) .
(٢) - سورة لأعراف: الآية٥٥.
(٣) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (٦/١٣٥) كتاب الجهاد، حديث رقم (٢٢٩٢) ، واللفظ له. ورواه مسلم في صحيحه (٤/٢٠٧٦) كتاب الذكر والدعاء حديث رقم (٢٧٠٤) .
(٤) - رواها في صحيحه (٤/٢٠٧٧) كتاب الذكر والدعاء، حديث رقم (٢٧٠٤) ، (٤٦) .

<<  <   >  >>