بعض الشبه التي عرضت للقائلين بهذه البدعة والجواب عنها.
لما أحدثت بدعة الاحتفال بالمولد النبوي في عهد العبيديين، وفشت وانتشرت بين الناس لوجود الفراغ الروحي والبدني معاً، وترك المسلمون الجهاد وتأصلت هذه البدعة في النفوس، وأصبحت جزءاً من عقيدة كثير من أهل الجهل، لم يجد بعض أهل العلم كالسيوطي -رحمه الله- بُدا من محاربة تبريرها بالبحث عن شبه يمكن أن يُستشهد بها على جواز بدعة المولد هذه، وذلك إرضاء للعامة والخاصة أيضاً من جهة، وتبريراً لرضى العلماء بها، وسكوتهم عن إنكارها لخوفهم من الحكام والعوام من جهة أخرى.
ومن هذه الشبه:
١- الشبهة الأولى:
قال اليسوطي- رحمه الله -: (وقد استخرج له- أي المولد -إمام الحفاظ أبو الفضل أحمد بن حجر- العسقلاني- أصلاً من السنة، واستخرجت له أنا أصلاً ثانياً.... فقد سُئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل أحمد بن حجر - العسقلاني - عن عمل المولد، فأجاب بما نصه:
(أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن، وتجنب ضدها كان بدعة حسنة وإلا فلا. قال: وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت وهو: ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون، ونجَّى موسى، فنحن نصومه شكراً لله تعالى (١) ، فُيستفاد منه فعل الشكر لله على ما منَّ به في يوم معين من إسداء
(١) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (٤/٢٤٤) كتاب الصوم، حديث رقم (٢٠٠٤) . ورواه مسلم في صحيحه (٢/٧٩٦) كتاب الصيام، حديث رقم (١١٣٠) (١٢٨) وفيه: ((فصامه موسى شكراً لله)) بدلاً من: ((فنحن نصومه شكراً لله تعالى)) .