للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حراماً وحينئذٍ يكون الكلام فيه في فصلين والتفرقة بين حالين:

* أحدهما: أن يعمله رجل من عين ماله لأهله وأصحابه وعياله، لا يجاوزون في ذلك الاجتماع على أكل الطعام، ولا يقترفون شيئاً من الآثام، وهذا الذي وصنفاه بأنه بدعة مكروهة وشناعة؛ إذا لم يفعله أحد من متقدمي أهل الطاعة، الذي هم فقهاء الإسلام، وعلماء الأنام، سُرُج الأزمنة، وزين الأمكنة.

* والثاني: أن تدخله الجناية، وتقوى به العناية، حتى يعطي أحدهم الشيء ونفسه تتبعه، وقلبه يؤلمه ويوجعه، لما يجد من ألم الحيف، وقد قال العلماء: أخذ المال بالحياء كأخذ بالسيف. لاسيما إذا انضاف إلى ذلك شيء من الغناء، مع البطون الملأى، بآلات الباطل من الدفوف والشبابات، واجتماع الرجال مع الشباب المرد، والنساء الفاتنات، إما مختلطات بهم أو مشرفات، والرقص بالتثني والانعطاف، والاستغراق في اللهو ونسيان يوم المخالف، وكذلك النساء إذا اجتمعن على انفرادهنَّ رافعات أصواتهم بالتهنيك (١) والتطريب في الإنشاد، والخروج في التلاوة والذكر عن المشروع والأمر المعتاد، غافلات عن قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} (٢) .

وهذا الذي لا يختلف في تحريمه اثنان، ولا يستحسنه ذوو المروءة الفتيان، وإنما يحلو ذلك لنفوس موتى القلوب، وغير المستقلين من الآثام والذنوب، وأزيدك أنهم يرونه من العبادات، لا من الأمور المنكرات المحرمات، فإنَّا لله وإنا إليه راجعون. ((بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ ... )) (٣) . هذا مع أن الشهر الذي ولِدَ فيه صلى الله عليه وسلم- وهو ربيع الأول- هو بعينه الشهر الذي تُوفي فيه، فليس الفرح فيه بأولى من الحزن فيه، وهذا ما علينا أن نقول ومن الله تعالى نرجو حُسن القبول) ا. هـ (٤) .


(١) - هكذا وردت في الأصل، وربما في الكلمة تصحيف أو خطأ مطبعي، ولعل المراد: التنهيك من النهك: وهو المبالغة في الشيء. يراجع: لسان العرب (١٠/٥٠٠، ٥٠١) مادة (نهك) - والله أعلم.
(٢) - سورة الفجر:١٤.
(٣) - هذا حديث رواه الإمام أحمد في مسنده (١/٣٩٨) . ورواه مسلم في صحيحه (١/١٣٠) كتاب الإيمان، حديث رقم (١٤٥) . ورواه الترمذي في سننه (٤/١٢٩) أبواب الإيمان، حديث رقم (٢٧٦٤) ، وقال: وهذا حديث حسن غريب صحيح. ورواه ابن ماجه في سننه (٢/١٣٢٠) كتاب الفتن، حديث رقم (٣٩٨٨) .
(٤) - يراجع: الحاوي للسيوطي (١/١٩٠-١٩٢) .

<<  <   >  >>