للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد بلغني (١) أن رجلين (٢) ممن تصدى للفتيا مع بعدهما عنها، وسعيا في تقرير هذه الصلاة، وأفتيا بتحسنها، وليس ذلك ببعيد مما عهد من خطلهما (٣) وزللهما، فإن صح ذلك عنهما، فما حملهما على ذلك إلا أنهما قد صلياها مع الناس، مع جهلهما بما فيها من المنهيات، فخافا وفرقا (٤) إن نهيا عنها أن يقال لهما: فلم صليتماها؟ فحملهما اتباع الهوى على أن حسنا ما لم تحسنه الشريعة المطهرة، نصرة لهواهما على الحق، ولو أنهما رجعا إلى الحق وآثراه على هواهما، وأفتيا بالصواب، لكان الرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً} (٥) . والعجب كل العجب لمن يزعم أنه من العلماء ويفتي بأن هذه الصلاة موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يسوغ موافقة وضاعها عليها، وهل ذلك إلا إعانة للكذابين على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن اتبع الهوى ضل عن سبيل الله، كما نص عليه القرآن.

ثم أفتيا بصحتها مع اختلاف أصحاب الشافعي- رضي الله عنهم-في صحة مثلها، فإن من نوى صلاة ووصفها في نيته بصفة، فاختلفت تلك الصفة هل تبطل صلاته من أصلها، أو تنعقد نفلاً؟ فيه خلاف مشهور (٦) .

وهذه الصلاة بهذه المثابة، فإن من يصليها يعتقد أنها من السنن الموظفة الراتبة، وهذه الصفة مختلفة عنها، فأقل مراتبها أن تجري على الخلاف. والحمد لله رب العالمين (٧) . ا. هـ.

وقد رد ابن الصلاح على كلام العز بن عبد السلام السابق، وناقشة فيه وتوصل إلى أن صلاة الرغائب غير ملحقة بالبدع المنكرة فقال: سألتم أرشدكم الله


(١) - الكلام لا زال للعز بن عبد السلام.
(٢) -وهما ابن الصلاح وآخر - والله أعلم -.
(٣) -الخطل: الكلام الفاسد الكثير المضطرب. يراجع: لسان العرب (١١/٢٠٩) ، مادة (خطل) .
(٤) - الفرق - بالتحريك -: الخوف والجزع. يراجع: لسان العرب (١٠/٣٠٤، ٣٠٥) ، مادة (فرق) .
(٥) -سورة النساء: الآية٦٦.
(٦) - يراجع: المجموع شرح المهذب (٣/٢٨٦-٢٨٩) .
(٧) - يراجع: المساجلة ص (٩-١٢) . وذكر السبكي في طبقات الشافعية (٨/٢٥١-٢٥٥)

<<  <   >  >>