حدثت بعد أربعمائة من الهجرة، ظهرت بالشام، وانتشرت في سائر البلاد، ولا بأس أن يصليها الإنسان، بناء على أن الإحياء فيما بين العشائين مستحب كل ليلة، ولا بأس بأن يصليها الإنسان مطلقاً. أما أن تتخذ الجماعة فيها سنة، وتتخذ هذه الصلاة من شعائر الدين الظاهرة فهذا من البدع المنكرة، ولكن ما أسرع الناس إلى البدع، والله أعلم وكتب ابن الصلاح. ا. هـ.
وقال ابن عبد السلام -: ولا يخفى ما في هذا الجواب من موافقة الصواب، ولا ما فيه من الاختلال.
والصورة الثانية: بسم الله الرحمن الرحيم. ما تقول السادة الفقهاء أئمة الدين-رضي الله عنهم- فيمن ينكر على من يصلي في ليلة الرغائب ونصف شعبان، ويقول: أن الزيت الذي يشغل فيها حرام وتفريط، ويقول: أن ذلك بدعة ومالهما فضل ولا ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيهما فضل ولا شرف فهل هو على الصواب أو على الخطأ؟ أفتونا-رضي الله عنكم-.
وجوابه: اللهم وفق وارحم. أما الصلاة المعروفة في ليلة الرغائب فهي بدعة، وحديثها المروي موضوع، وما حدثت إلا بعد أربعمائة سنة من الهجرة، وليس لليلتها تفضيل على أشباهها من ليالي الجمع.
وأما ليلة النصف من شعبان فلها فضيلة، وإحياؤها بالعبادة مستحب، ولكن على الانفراد من غير جماعة، واتحاد الناس لها ولليلة الرغائب موسماً وشعاراً بدعة منكرة، وما يزيدونه فيهما عن الحاجة والعادة من الوقيد ونحوه، فغير موافق للشريعة، والألفية التي تصلى في ليلة النصف لا أصل لها ولأشباهها.
ومن العجب حرص الناس على المبتدع في هاتين الليلتين، وتقصيرهم في المؤكدات الثانية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله المستعان وهو يعلم. كتب ابن الصلاح.
قال ابن عبد السلام:(فأظهر الله تعالى ما الرجل منطو عليه، ومصغ إليه)(١) .
(١) - قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (٢٣/ ١٤٢، ١٤٣) ، في ترجمة ابن الصلاح: (وله مسألة ليست من قواعده شذ فيها وهي صلاة الرغائب، قوّاها ونصرها، مع أن حديثها باطل بلا تردد، ولكن له أصابات وفضائل) ا. هـ.