للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحدة، بل هي من جملة سور القرآن، فيستحب فيها ما يستحب في سائر السور، والأفضل لمن استفتح سورة في الصلاة وغيرها أن لا يقطعها بل يتمها إلى آخرها، وهذه كانت عادة السلف (١) .

وورد غي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة الأعراف في صلاة المغرب (٢) ، وإن كان فرقها في الركعتين.

وكذلك ما ثبت في الصحيحين عن جابر -رضي الله عنه- أنه قال: ((أقبل رجل بناضحين -وقد جنح الليل- فوافق معاذاً يصلي، فترك ناضحه وأقبل على معاذ، فقرأ بسورة البقرة -أو النساء- فانطلق الرجل، وبلغه أن معاذاً نال منه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه معاذ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا معاذ، أفتّان أنت- أو أفاتن أنت- أو أفاتن- ثلاث مرات، فلولا صليت بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى، فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة)) (٣) .

فكون قراءة سورة الأنعام كلها في ركعة واحدة في صلاة التراويح بدعة، ليس من جهة قرائتها كلها، بل من وجوه أخرى:

الأول: تخصيص ذلك بسورة الأنعام دون غيرها من السور، فيوهم ذلك أن هذا هو السنة فيها دون غيرها، والأمر بخلاف ذلك.

الثاني: تخصيص ذلك بصلاة التراويح دون غيرها من الصلاة، وبالركعة الأخيرة منها دون ما قبلها من الركعات.

الثالث: ما فيه من التطويل على المأمومين، ولاسيما من يجهل أن ذلك من عادتهم، فينشب في تلك الركعة، فيقلق ويضجر ويتسخط بالعبادة.

الرابع: ما فيه من مخالفة السنة من تقليل القراءة في الركعة الثانية عن الأولى، فقد ثبت في الصحيحين ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بفاتحة


(١) - يراجع: الباعث لأبي شامة ص (٨٢، ٨٣) .
(٢) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (٢/٢٤٦) كتاب الأذان حديث رقم (٧٦٤) . مختصراً. ورواه أبو داود في سننه (١/٥٠٩) كتاب الصلاة، حديث رقم (٨١٢) . ورواه النسائي في سننه (٢/١٧٠) باب القراءة في المغرب بـ {آلمص} .
(٣) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (٢/٢٠٠) كتاب الأذان حديث رقم (٧٠٥) . ورواه مسلم في صحيحه (١/ ٣٣٩، ٣٤٠) كتاب الصلاة، حديث رقم (٤٦٥) .

<<  <   >  >>