للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رضي الله عنه- فيدخل في ذلك ما يزعمون أنه أحدثه.

فإذا صلوها قبل العشاء الآخرة لا تكون هي صلاة التراويح (١) .

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: عن من يصلي التراويح بعد المغرب: هل هو سنة أم بدعة؟ وذكروا أن الإمام الشافعي - رحمه الله - صلاها بعد المغرب، وتممها بعد العشاء الآخرة؟ .

فأجاب -رحمة الله- (الحمد لله رب العالمين. السنة في التراويح أن تصلى بعد العشاء الآخر، كما اتفق على ذلك السلف والأئمة. والنقل المذكور عن الشافعي-رحمة الله- باطل، فما كان الأئمة يصلونها إلا بعد العشاء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه الراشدين، وعلى ذلك أئمة المسلمين، لا يعرف عن أحد أنه تعمد صلاتها قبل العشاء، فإن هذه تسمى قيام رمضان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله فرض عليكم صيام رمضان، وسننت لكم قيامه، فمن صامه وقامه غفر له ما تقدم من ذنبه)) (٢) . وقيام الليل في رمضان وغيره إنما يكون بعد العشاء، وقد جاء مصرحاً به في السنن ((أنه لما صلى بهم قيام رمضان صلى بعد العشاء)) (٣) .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم قيامه بالليل هو وتره، يصلي بالليل في رمضان وغير رمضان إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، لكن كان يصليها طوالاً، فلما كان ذلك


(١) - يراجع: الفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٢٣/١٢٠) .
(٢) - رواه أحمد في مسنده (١/١٩١) . ورواه النسائي في سننه (٤/١٥٨) ، باب ثواب من قام رمضان وصامه إيماناً واحتساباً. ورواه ابن ماجه في سننه (١/٤٢١) كتاب إقامة الصلاة، حديث رقم (١٣٢٨) . ورواه ابن خزيمة في صحيحه (٣/٣٣٥) حديث رقم (٢٢٠١) . وقال: (أما خبر من صامه وقامه إلى آخر الخبر فمشهور من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة، ثابت لاشك فيه، ولا ارتياب في ثبوته أول الكلام، وأما الذي يكره ذكره النضر بن شيبان عن أبي سلمة عن أبيه، فهذه اللفظة معناها صحيح من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لا بهذا الإسناد، فإني خائف أن يكون هذا الإسناد وهماً، أخاف أن يكون أبو سلمة لم يسمع من أبيه شيئاً، وهذا الخبر لم يروه عن أبي سلمة أحد أعلمه غير النضر بن شيبان) ا. هـ. وقال البنا في الفتح الرباني (٩/٢٤٥) : وفي إسناده النضر بن شيبان وهو: ضعيف، قلت: قال ابن حجر في التقريب: النضر بن شيبان الحداني لين الحديث........ يراجع: تقريب التهذيب (٢/٣٠١) ترجمة رقم (٨٨) .
(٣) - لم أقف عليه فيما اطلعت عليه من كتب الحديث، ولكن عموم بعض الأحاديث الواردة في صلاة التراويح تدل على أنها كانت بعد صلاة العشاء كما في حديث أبي ذر المتقدم في هذا الكتاب.

<<  <   >  >>