للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعليق ختمه عند الموضع الذي يختمون فيه، فمنهم من يتخذها من الشقق (١) الحرير الملونة، ومنهم من يتخذها من غيرها، لكنها ملونة أيضاً، ويعلقون فيها القناديل، وما في ذلك من السرف والخيلاء وإضاعة المال والرياء والسمعة واستعمال الحرير.

ومنم من يستعير القناديل من مسجد آخر وهي وقف عليه، فلا يجوز إخراجها منه، ولا استعمالها في غيره.

أن هذا الاجتماع يفضي إلى اجتماع أهل الريب والشك والفسوق، وممن لا يرضى حاله، حتى جرّ ذلك إلى اختلاط النساء بالرجال في موضع واحد ولا يخفى ما في ذلك من الضرر العظيم.

كثرة اللغط في المسجد ورفع الأصوات فيه والقيل والقال، إذ أنه يكون الإمام في الصلاة، وكثير من الناس يتحدثون ويخوضون في أشياء ينزه المسجد عن بعضها.

اعتقاد بعض العلماء أن هذا الاجتماع بما فيه من البدع، إظهار لشعائر الإسلام، ولا يخفى ما يجلب هذا الأمر من الضرر العظيم، وتكثير سواد أهل البدع، ويكون حضور هؤلاء العلماء حجة إن كانوا قدوة للقوم، بأن ذلك جائز غير مكروه، فيقولون: لو كان بدعة لم يحضره العالم فلان، ولم يرض به. فإنا لله وإنا إليه راجعون. والإثم في هذا من فعله أو أمر به أو استحسنه أو رضي به أو أعان عليه بشيء أو قدر على تغييره فلم يفعل.

إحضار الكيزان وغيرها من أواني الماء في المسجد حين الختم، فإذا ختم القارئ شربوا ذلك الماء، ويرجعون به إلى بيوتهم فيسقونه لأهليهم ومن شاءوا على سبيل التبرك، وهذه بدعة لم تنقل عن أحد من السلف-رحمة الله عليهم-.

تواعدهم للختم، فيقولون: فلان يختم في ليلة كذا وفلان يختم في ليلة كذا، ويعرض ذلك بعضهم على بعض، ويكون ذلك بينهم بالنوبة - أي بالتناوب-، حتى صار ذلك كأنه ولائم تعمل، وشعائر تظهر، فلا يزالون كذلك غالباً من انتصاف شهر رمضان إلى آخر الشهر، وهذا أمر محدث لم يؤثر على السلف الصالح -رحمة الله عليهم - (٢) .

فهذه بعض المنكرات والبدع التي أحدثت في ليلة الختم، ولما كانت مخالفة لسنة


(١) - الشُّقَّة بالضم: معروفة من الثياب السببية المستطيلة، والجمع شقاق وشقق، فالشقة جنس من الثياب. يراجع: لسان العرب (١٠/ ١٨٤) ، مادة (شقق) .
(٢) - يراجع: المدخل لابن الحاج (٢/٢٩٩، ٣٠٥) .

<<  <   >  >>