للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وضع ابن عمر يده مقعد النبي صلى الله عليه وسلم، وتعريف ابن عباس بالبصرة، وعمرو بن حريث بالكوفة، فإن هذا لما لم يكن مما فعله سائر الصحابة، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم شرعه لأمته، لم يمكن أن يُقال هذا سنَّة مستحبة، بل غايته أن يًُقال: هذا مما ساغ فيه اجتهاد الصحابة، أو مما لا ينكر علي فاعله؛ لأنَّه مما يسوغ فيه الاجتهاد، لا لأنه سنة مستحبة سنها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته. أو يقال في التعريف: إنه لا بأس به أحياناً لعارض إذا لم يجعل سنة راتبة.

وهكذا يقول أئمة العلم في هذا وأمثاله: تارة يكرهونه، وتارة يسوغون فيه الاجتهاد، وتارة يرخصون فيه إذا لم يتخذ سنة، ولا يقول عالم بالسنة: إن هذه سنة مشروعة للمسلمين، فإن ذلك إنَّما يقال فيما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ ليس لغيره أن يسن ولا أن يشرع، وما سنَّة خلفاؤه الراشدون، فإنما سنُّوه بأمره، فهو من سننه....) ا. هـ (١) .

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن المداومة في الجماعات على غير السنن المشروعة بدعة: كالأذان في العيدين، والقنوت في الصلوات الخمس أو البردين منها، والتعريف المداوم عليه في الأمصار.... فإن مضاهاة غير المسنون بالمسنون بدعة مكروهة، كما دلَّ عليه الكتاب والسنَّة والآثار والقياس) (٢) .


(١) - يُراجع: مجموعة الفتاوى (١/٢٨١، ٢٨٢) .
(٢) - يُراجع: مجموع الفتاوى (٢٠ /١٩٧) .

<<  <   >  >>