فتقدير العلماء لا يكون بالاحتفال بذكراهم، بل يكون بالحرص على الاستفادة مما كتبوا وألفوا، عن طريق النشر والقراءة، والتعليق والشروح، ونحو ذلك.
هذا إذا كانوا يستحقون ذلك، بسيرهم على المنهج السلفي الصحيح، والبُعد عن منهج الفرق الضالة، أو التأثر بالغرب ونحوهم.
والعلماء من السلف الصالح ومن جاء بعدهم، قد حفظت ذكراهم ورواياتهم، وما أظهروه للناس من العلم، فالعالم يموت ويفارق الدنيا، ويبقى علمه يتناقله الناس جيلاً بعد جيل.
وبسبب ما استفاد الناس من علمهم، صاروا يترحمون عليهم، ويَدْعُونَ لهم بالأجر والمثوبة، وهذا أعظم إظهار لذكراهم.
أما الاحتفال بذكراهم، والتبرك بزواياهم وآثارهم، والطواف بقبورهم، فكل ذلك من البدع، التي قد يصل بعضها إلى درجة الإشراك بالله -نعوذ بالله من ذلك -.
ولو أن هؤلاء العلماء - الذين يُحتفل بذكراهم ويُتبرك بزواياهم - أحياء لأنكروا على من يفعل هذه الأمور.
ولكن بعض الناس قد أغواه هواه والشيطان، والداعون إلى البدع لدنيا يصيبونها، أو منصب يترأسون الناس به، فانزلق في متاهات البدع التي لا خلاص منها، إلا بالرجوع إلى كتاب الله -عز وجل- وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم والوقوف عليهما، وعلى ما أجمع عليه علماء الأمة، وترك ما أحدث من البدع، التي هي شر في ذاتها، وتؤدي إلى شرٍّ أعظم، وبَلِيَّةٍ أكبر.
فنسأل الله لنا ولهم الهداية إلى صراطه المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأن يباعد بيننا وبين طريق المغضوب عليهم وطريق الضَّالين، إنه على كل شيء قدير.