للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذَّن في الناس، فقال: «يا قوم كُتِبَ عليكُم الحجُّ»، فقام رجل، فقال: يا رسول الله، أفي كلِّ عامٍ؟ فأُغْضِبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - غضباً شديداً، فقال: «والذي نفسي بيده، لو قلت: نعم، لوجَبَت، ولو وجبت ما استطعتم، وإذن لكفرتُم، فاتركُونِي ما تركتُكم، فإذا أمرتكم بشيءٍ، فافعلوا منه ما استطعتم (١)، وإذا نهيتُكم عن شيءٍ، فانتهوا عنه»، فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ

تَسُؤْكُم}، نهاهم أنْ يسألوا مثلَ الذي سألتِ النَّصارى في المائدة، فأصبحوا بها كافرين، فنهى الله تعالى عن ذلك، وقال: لا تسألوا عن أشياء إنْ نزل القرآن فيها بتغليظٍ ساءكم (٢)، ولكن انتظروا، فإذا نزل القرآنُ، فإنَّكم لا تسألون عن شيء

إلا وجدتُم تبيانه.

فدلَّت هذه الأحاديثُ على النهي عن السُّؤال عمَّا لا يُحتاج إليه مما يسوءُ السائلَ جوابُه مثل سؤال السائل، هل هوَ في النار أو في الجنة، وهل أبوه من ينتسب إليه أو غيره، وعلى النهي عن السؤال على وجه التعنت والعبث

والاستهزاء (٣)، كما كان يفعلُه

كثيرٌ من المنافقين وغيرهم.

وقريبٌ من ذلك سؤالُ الآيات واقتراحُها على وجه التعنتِ، كما كان يسأله المشركون وأهل الكتاب، وقد قال عكرمة وغيرُه: إنَّ الآية نزلت في ذلك (٤).

ويقرب من ذلك السؤالُ عما أخفاه الله عن عباده، ولم يُطلعهم عليه، كالسؤال عن وقتِ الساعة، وعن الروح.

ودلَّت أيضاً على نهي المسلمين عن السؤال عن كثيرٍ من الحلالِ والحرام مما يُخشى أنْ يكون السؤال سبباً لنزول التشديد فيه، كالسُّؤال عَنِ الحجِّ: هل يجب كلَّ عامٍ أم لا (٥)؟ وفي " الصحيح " (٦)


(١) «منه ما استطعتم» سقطت من (ج).
(٢) من قوله: «وقال لا تسألوا … » إلى هنا سقط من (ص).
(٣) في (ص): «على التعنت والاستهزاء».
(٤) ذكره: ابن الجوزي في " تفسيره " ٢/ ٤٣٥، وأبو حيان في " تفسيره " ٤/ ٣٥، والسيوطي في " الدر المنثور " ٢/ ٥٩٤.
(٥) «أم لا» سقطت من (ص).
(٦) صحيح البخاري ٩/ ١١٧ (٧٢٨٩).
وأخرجه: الحميدي (٦٧)، وأحمد ١/ ١٧٦ و ١٧٩، ومسلم ٧/ ٩٢ (٢٣٥٨) (١٣٢) و (١٣٣)، وأبو داود (٤٦١٠)، وابن حبان (١١٠) من حديث سعد، به.

<<  <   >  >>