للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لفعلتُ فيه كما فعل، فهما في الأجر سواءٌ» (١) وإنْ كانت دنيويةً، فلا خيرَ في تمنيها، كما قال تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} (٢). وأما قول الله - عز وجل -

: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} (٣)، فقد فُسِّرَ ذلك بالحسد، وهو تمنِّي الرجل نفس ما أُعطي أخوه من أهلٍ ومال، وأنْ ينتقل ذلك إليه، وفُسِّرَ بتمني ما هو ممتنع شرعاً أو قدراً، كتمني النِّساءِ (٤) أنْ يكنَّ رجالاً، أو يكون لهن مثلُ ما للرجالِ من الفضائلِ الدينية كالجهاد، والدنيوية كالميراثِ والعقلِ والشهادةِ

ونحو ذلك، وقيل: إنَّ الآية تشمل ذلك كُلَّه (٥).

ومع هذا كُلِّه، فينبغي للمؤمن أنْ يحزنَ لفواتِ الفضائل الدينية، ولهذا أُمِرَ أنْ ينظر في الدين إلى مَنْ فوقَه، وأنْ يُنافِسَ في طلب ذلك جهده وطاقته، كما قال تعالى:

{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمتَنَافِسُونَ} (٦) ولا يكره أنَّ أحداً يُشارِكُه في ذلك، بل يُحِبُّ للناس كُلِّهم المنافسةَ فيه، ويحثُّهم على ذلك، وهو من تمام أداءِ النَّصيحة للإخوان (٧).

قال الفضيلُ: إنْ كُنتَ تحبُّ أنْ يكونَ الناسُ مثلَك، فما أديتَ النَّصيحة لأخيك (٨)، كيف وأنت تحبُّ أنْ يكونوا دونك؟! (٩) يشير إلى أنَّ أداء النَّصيحة لهم أنْ يُحبَّ (١٠) أنْ يكونوا فوقَه، وهذه منزلةٌ عالية، ودرجةٌ رفيعةٌ في النُّصح، وليس ذَلِكَ


(١) أخرجه: البخاري ٦/ ٢٣٦ (٥٠٢٦) من حديث أبي هريرة، به.
(٢) القصص: ٧٩ - ٨٠.
(٣) النساء: ٣٢.
(٤) سقطت من (ص).
(٥) انظر: تفسير مجاهد: ١٥٤، وتفسير الطبري (٧٣١٩) و (٧٣٢٠) و (٧٣٢١)
و (٧٣٢٢)، وتفسير ابن أبي حاتم ٣/ ٩٣٥ (٥٢٢٦)، وتفسير القرطبي ٥/ ١٦٢ - ١٦٣، والبحر المحيط ١/ ٦٠٩، وأسباب النزول عن الصحابة والمفسرين: ٦٦.
(٦) المطففين: ٢٦.
(٧) انظر ما ذكره الطبري في " تفسيره " ١٥/ ١٣٤، والقرطبي في " تفسيره " ١٩/ ٢٦٦؛ والبغوي في " تفسيره " ٥/ ٢٦٦، وابن عطية في " تفسيره " ١٥/ ٣٦٦، وابن الجوزي في
" تفسيره " ٩/ ٥٩.
(٨) في (ج): «لربك».
(٩) انظر: حلية الأولياء ٨/ ٨٧ نحوه.
(١٠) «أن يحب» سقطت من (ص).

<<  <   >  >>