وعن بعض السَّلَف قال: مَنْ سرَّه أن يَكْمُلَ له عملُه، فليُحسِن نيَّته، فإنَّ الله - عز وجل - يأجُرُ العَبْدَ إذا حَسُنَت نيَّته حتى باللُّقمة.
وعن ابن المبارك، قال: رُبَّ عملٍ صغيرٍ تعظِّمهُ النيَّةُ، وربَّ عمل كبيرٍ تُصَغِّره النيَّةُ.
وقال ابن عجلان: لا يصلحُ العملُ إلاَّ بثلاثٍ: التَّقوى لله، والنِّيَّةِ الحسنَةِ، والإصابة.
وقال الفضيلُ بنُ عياضٍ: إنَّما يريدُ الله - عز وجل - منكَ نيَّتَك وإرادتكَ.
وعن يوسف بن أسباط، قال: إيثارُ الله - عز وجل - أفضلُ من القَتل في سبيله.
خرَّج ذلك كلَّه ابنُ أبي الدُّنيا في كتاب " الإخلاص والنيَّة ".
وروى فيه بإسنادٍ منقطعٍ عن عُمَر - رضي الله عنه -، قال: أفضلُ الأعمال أداءُ ما افترضَ الله - عز وجل -، والورعُ عمّا حرَّم الله - عز وجل -، وصِدْقُ النِيَّة فيما عندَ اللهِ - عز وجل -.
وبهذا يعلم معنى ما رُوي عن الإمامِ أحمدَ: أنَّ أُصولَ الإسلام ثلاثةُ أحاديث: حديثُ: «الأعمال بالنِّيَّات»، وحديثُ:«مَنْ أحدثَ في أمرِنا ما ليس منه فهو رَدٌّ»، وحديثُ:«الحلالُ بَيِّن والحرامُ بيِّن». فإنّ الدِّين كلَّه يَرجعُ إلى فعل المأموراتِ، وترك المحظورات، والتَّوقُّف عن الشُّبُهاتِ، وهذا كلُّه تضمَّنه حديثُ النُّعمان بن بشيرٍ.
وإنَّما يتمُّ ذلك بأمرين:
أحدهما: أنْ يكونَ العملُ في ظاهره على موافقَةِ السُّنَّةِ، وهذا هو الذي تضمَّنه حديثُ عائشة:«مَنْ أحدَثَ في أمرنا ما ليس منه فهو رَدٌّ»(١).
والثاني: أنْ يكونَ العملُ في باطنه يُقْصَدُ به وجهُ الله - عز وجل -، كما تضمَّنه حديث عمر:«الأعمالُ بالنِّيَّاتِ».