للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وهذا مذكورٌ في غير موضع من القرآن، وقد صار هذا من المتَّقين، فإنَّه فعل الفرائضَ، واجتنبَ

الكبائرَ، واجتنابُ الكبائر لا يحتاجُ إلى نيَّةٍ وقصدٍ، فهذا القولُ يمكن أنْ يُقال في الجملة.

والصَّحيح قول الجمهور: إنَّ الكبائر لا تُكفَّرُ بدون التوبة؛ لأنَّ التوبة فرضٌ على

العباد، وقد قال -عز وجل-: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (١). وقد فسرت الصحابة كعمر وعلي وابن مسعود التوبة بالندم (٢)، ومنهم من فسَّرها بالعزم على أنْ لا يعود (٣)، وقد روي ذلك مرفوعاً من وجه فيه ضعفٌ (٤)،

لكن لا يعلم مخالفٌ من الصحابة في هذا، وكذلك التابعون ومَنْ بعدهم، كعمر بن عبد العزيز، والحسن وغيرهما.

وأما النصوص الكثيرة المتضمنة مغفرة الذنوب، وتكفير السيئات للمتقين، كقوله تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ

لَكُمْ} (٥)، وقوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} (٦)، وقوله: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً} (٧)، فإنَّه لم يُبين في هذه الآيات خصال التقوى، ولا العمل الصالح، ومن جملة ذلك: التوبة النصوح، فمَنْ لم يتب، فهو ظالم، غيرُ متّقٍ.


(١) الحجرات: ١١.
(٢) انظر: زيادات نعيم بن حماد على كتاب " الزهد لعبد الله بن المبارك " (١٦٨)
و (١٦٩)، وتفسير القرطبي ١٨/ ١٩٨.
(٣) منهم: عمر بن الخطاب وابن مسعود وابن عباس - رضي الله عنهم -.
انظر: تفسير الطبري (٢٦٦٩٧) و (٢٦٦٩٨) و (٢٦٦٩٩).
(٤) روي الحديث عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً: «التوبة من الذنب أن يتوب منه ثم لا يعود فيه».
أخرجه: أحمد ١/ ٤٤٦، وفي إسناده علي بن عاصم، وهو ضعيف. انظر: التاريخ الكبير ٦/ ١١٨ (٢٤٣٥)، وإبراهيم الهجري ضعيف أيضاً.
وأخرجه: البيهقي في " شعب الإيمان " (٧٠٣٦)، وفي إسناده بكر بن خنيس. قال
ابن معين: «ليس بشيء»، وقال أبو زرعة: «ذاهب الحديث». انظر: تهذيب

الكمال ١/ ٣٧١ (٧٣١)، وتهذيب التهذيب ١/ ٤٤٠، وكذا في إسناده إبراهيم الهجري الضعيف.
(٥) الأنفال: ٢٩.
(٦) التغابن: ٩.
(٧) الطلاق: ٥.

<<  <   >  >>