للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقد بين في سورة آل عمران خصالَ التقوى التي يغفر لأهلها ويدخلهم الجنَّة، فذكر منها الاستغفار، وعدم الإصرار، فلم يضمن تكفيرَ السيئات ومغفرة الذنوب إلاَّ لمن كان على هذه الصفة، والله أعلم.

ومما يُستدلُّ به على أنَّ الكبائر لا تُكَفَّرُ بدونِ التوبة منها، أو العقوبة عليها حديثُ عُبَادةَ بنِ الصامت، قال: كنَّا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «بايعوني على أنْ لا تُشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولاتزنوا»، وقرأ عليهم الآية «فمن وفى منكم، فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً، فعُوقِبَ به، فهو كفَّارَةٌ له، ومن أصاب من ذلك شيئاً، فستره الله عليه، فهو إلى الله، إنْ شاء عذَّبه، وإنْ شاء غفر له»

خرَّجاه في " الصحيحين " (١)،

وفي روايةٍ لمسلم: «من أتى منكم حداً فأقيم عليه فهو كفارته» (٢).

وهذا يدلُّ على أنَّ الحدود كفارات. قال الشافعيُّ: لم أسمع في هذا البابِ - أنَّ الحد يكونُ كفَّارةً لأهله - شيئاً أحسنَ مِنْ حديث عُبادةَ ابن الصامت (٣).

وقوله: «فعوقب به» يعمُّ العقوبات الشرعية، وهي الحدود المقدَّرةُ أو غير المقدَّرة، كالتعزيزات، ويشمل العقوبات القدرية، كالمصائب والأسقام والآلام، فإنَّه صحَّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «لا يصيبُ المسلمَ نصبٌ ولا وَصَبٌ (٤) ولا

هَمٌّ ولا حزن حتَّى الشَّوكة يُشاكها إلا

كفَّر الله بها خطاياه» (٥). ورُوي عن

عليٍّ أنَّ


(١) صحيح البخاري ١/ ١١ (١٨) و ٥/ ٧٠ (٣٨٩٢) و ٦/ ١٨٧ (٤٨٩٤) و ٨/ ١٩٨
(٦٧٨٤) و ٩/ ٩٩ (٧٢١٣) و ٩/ ١٦٩ (٧٤٦٨)، وصحيح مسلم ٥/ ١٢٦ (١٧٠٩) (٤١).

وأخرجه: الحميدي (٣٨٧)، وأحمد ٥/ ٣١٤ و ٣٢٠، والترمذي (١٤٣٩) والنسائي ٧/ ١٤٨ و ١٦١ - ١٦٢ و ٨/ ١٠٨، والحاكم ٢/ ٣١٨، والدارقطني ٣/ ٢١٤ - ٢١٥، وأبو نعيم في " الحلية " ٥/ ١٢٦، والبيهقي ٨/ ٣٢٨، والبغوي (٢٩).
(٢) أخرجه: مسلم ٥/ ١٢٦ (١٧٠٩) (٤٣).
(٣) ذكره الترمذي في " الجامع الكبير " عقب (١٤٣٩).
(٤) عبارة: «ولا وصب» سقطت من (ص).
(٥) أخرجه: أحمد ٢/ ٣٣٥، والبخاري ٧/ ١٤٨ (٥٦٤٢)، وفي " الأدب المفرد "، له
(٤٩٢)، وابن حبان (٢٩٠٥)، والبيهقي ٣/ ٣٧٣، والبغوي (١٤٢١) من طرق عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما، به.

<<  <   >  >>