للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وحفظُ البطن وما حوى يتضمن حفظ القلب عَنِ الإصرار على محرم. قال الله - عز وجل -:

{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} (١)، وقد جمع الله ذلك كُلَّه في قوله: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (٢).

ويتضمن أيضاً حفظُ البطنِ من إدخال الحرام إليه من المآكل والمشارب.

ومِنْ أعظم ما يجبُ حفظُه من نواهي الله - عز وجل -: اللسانُ والفرجُ، وفي حديث أبي هريرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «مَنْ حَفِظَ ما بَينَ لَحييه، وما بَينَ رِجليهِ، دَخَلَ الجنة» خرَّجه الحاكم (٣).

وخرَّج الإمام أحمد (٤) من حديث أبي موسى، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «مَنْ حَفِظ ما بينَ فَقْمَيهِ وفرجه، دخل الجنة».

وأمر الله - عز وجل - بحفظ الفروج، ومدحَ الحافظين لها، فقال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} (٥)، وقال: {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (٦)، وقال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} إلى قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (٧).

وقال أبو إدريس الخولاني: أوَّلُ ما وصى الله به آدم عند إهباطه إلى الأرض: حفظُ فرجه، وقال: لا تضعه إلا في حلال.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «يحفظك» يعني: أنَّ من حفظَ حدود الله، وراعى حقوقَه، حفظه الله، فإنَّ الجزاء من جنس العمل، كما قال تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ

بِعَهْدِكُمْ} (٨)،


(١) البقرة: ٢٣٥.
(٢) الإسراء: ٣٦.
(٣) في " المستدرك " ٤/ ٣٥٧.
وأخرجه: الترمذي (٢٤٠٩) وفي " العلل "، له (٦١٤)، وابن حبان (٥٧٠٣)، وقال الترمذي: «حسن غريب».
(٤) في " مسنده " ٤/ ٣٩٨.
وأخرجه: البخاري في " التاريخ الكبير " ٧/ ٥٤، وعبد الله بن أحمد في " زوائده على الزهد ": ٢٦٤، وأبو يعلى (٧٢٧٥)، والحاكم ٤/ ٣٥٨، وتمام في فوائده كما في "الروض البسام" (١١١٦)، والقضاعي في " مسند الشهاب " (٥٤٥)، والبيهقي في " شعب الإيمان "
(٥٧٥٥)، وهو حديث قويٌّ بشواهده.
(٥) النور: ٣٠.
(٦) الأحزاب: ٣٥.
(٧) المؤمنون: ١ - ٦.
(٨) البقرة: ٤٠.

<<  <   >  >>