للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} (١)، وقال: {إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ} (٢).

وحفظ الله لعبده يدخل فيه نوعان:

أحدهما: حفظه له في مصالح دنياه، كحفظه في بدنه وولده وأهله وماله، قال الله - عز وجل -: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ} (٣). قال ابن عباس: هم الملائكة يحفظونَهُ بأمرِ الله، فإذا جاء القدر خَلُّوْا عنه (٤).

وقال عليٌّ - رضي الله عنه -: إنَّ مع كلِّ رجلٍ ملكين يحفظانه مما لم يقدرْ فإذا جاء القدر خلّيا بينه وبينَه، وإنَّ الأجل جُنَّةٌ حصينة (٥).

وقال مجاهد: ما مِنْ عبدٍ إلاَّ له مَلَكٌ يحفظه في نومه ويقظته من الجنّ والإنس والهوامِّ، فما من شيء يأتيه إلا قال: وراءك، إلا شيئاً أذن الله فيه فيصيبه (٦).

وخرَّج الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي من حديث ابن عمر، قال: لم يكن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَدَعُ هؤلاء الدَّعوات حين يُمسي وحين يُصبح: «اللهمّ إني أسألُكَ العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إنِّي أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهمَّ استُر عورتي، وآمن روعتي، واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذُ بعظمتك أنْ أُغتَالَ من

تحتي» (٧).

ومَنْ حفظ الله في صباه وقوَّته، حفظه الله في حال كبَره وضعفِ قوّته، ومتَّعه بسمعه وبصره وحولِه وقوَّته وعقله.

كان بعض العلماء قد جاوز المئة سنة وهو ممتَّعٌ بقوَّتِه وعقله، فوثب يوماً وثبةً شديدةً، فعُوتِبَ في ذلك، فقال: هذه جوارحُ حفظناها عَنِ المعاصي في الصِّغر،


(١) البقرة: ١٥٢.
(٢) محمد: ٧.
(٣) الرعد: ١١.
(٤) أخرجه: الطبري في " تفسيره " (١٥٣٤٥).
(٥) أخرجه: الطبري في " تفسيره " (١٥٣٧١).
(٦) أخرجه: الطبري في " تفسيره " (١٥٣٥٢).
(٧) أخرجه: أحمد ٢٥/ ٢٥، وأبو داود (٥٠٧٤)، والنسائي ٨/ ٣٨٢، وفي " الكبرى "، له

(١٠٤٠١) وفي " عمل اليوم والليلة "، له (٥٦٦).
وأخرجه: ابن أبي شيبة (٢٩٢٧٨)، وعبد بن حميد (٨٣٧)، والبخاري في " الأدب المفرد " (٦٩٨) و (١٢٠٠)، وابن ماجه (٣٨٧١)، وابن حبان (٩٦١)، والطبراني في " الكبير" (١٣٢٩٦)، والحاكم ١/ ٥١٧، وهو حديث صحيح.

<<  <   >  >>