للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فحفظها الله علينا في الكبر (١). وعكس هذا أنَّ بعض السَّلف رأى شيخاً يسأل الناسَ، فقال: إنَّ هذا ضيَّع الله في صغره، فضيَّعه الله في كبره.

وقد يحفظُ الله العبدَ بصلاحه بعدَ موته في ذريَّته كما قيل في قوله تعالى: {وَكَانَ أَبُوْهُمُا صَالِحاً} (٢): أنَّهما حُفِظا بصلاح أبيهما (٣). قال سعيد بن المسيب لابنه: لأزيدنَّ في صلاتي مِنْ أجلِك، رجاءَ أنْ أُحْفَظَ فيكَ، ثم تلا هذه الآية {وَكَانَ أَبُوْهُمُا صَالِحاً} (٤)،

وقال عمرُ بن عبد العزيز: ما من مؤمن (٥) يموتُ إلاَّ حفظه الله في عقبه وعقبِ عقبه.

وقال ابن المنكدرِ: إنَّ الله ليحفظُ بالرجل الصالح ولدَه وولدَ ولده والدويرات التي حوله فما يزالونَ في حفظ من الله وستر (٦).

ومتى كان العبد مشتغلاً بطاعة الله، فإنَّ الله يحفظه في تلك الحال، وفي " مسند الإمام أحمد " عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «كانت امرأةٌ في بيتٍ، فخرجت في سريَّةٍ من المسلمين، وتركت ثنتي عشرة عنزاً وصيصيتها كانت تنسج بها، قال: ففقدت عنزاً لها وصيصيتها، فقالت: يا ربِّ، إنَّك قد ضَمِنْتَ لمن خرج في سبيلك أنْ تحفظَ عليه، وإنِّي قد فَقَدتُ عنزاً من غنمي وصيصيتي، وإني أَنْشُدُكَ عنزي وصيصيتي». قال: وجعل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر شدَّة مناشدتها ربَّها تبارك وتعالى، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

«فأصبحت عنزها ومثلها، وصيصيتها ومثلها» (٧).

والصيصية: هي الصِّنارة التي يُغزل بها ويُنسج (٨).


(١) انظر: سير أعلام النبلاء ١٧/ ٦٦٨.
(٢) الكهف: ٨٢.
(٣) أخرجه: عبد الله بن المبارك في " الزهد " (٣٣٢)، والحميدي (٣٧٢)، والطبري في " تفسيره " (١٧٥٤٣)، والحاكم ٢/ ٣٦٩.
(٤) ذكره: البغوي في " تفسيره " ٣/ ٢١١.
(٥) في (ص): «عبد».
(٦) أخرجه: ابن المبارك في " الزهد " (٣٣٠)، والحميدي (٣٧٣)، وأبو نعيم في " الحلية " ٣/ ١٤٨.
(٧) أخرجه: أحمد ٥/ ٦٧، هذا الحديث مما تفرد به الإمام أحمد، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٥/ ٢٧٧: «رجاله رجال الصحيح».
(٨) انظر: العين: ٥٣٨ (صيص).

<<  <   >  >>