للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن السماك: هذا هو الزاهد المبرز في زهده.

وهذا يرجع إلى أنَّه يستوي عند العبد إدبارها وإقبالها وزيادتها ونقصُها، وهو مثلُ استواءِ المصيبة وعدمها كما سبق.

وسئل بعضُهم - أظنُّه الإمام أحمد - عمَّن معه مالٌ: هل يكون زاهداً؟ قال: إنْ كان لا يفرح بزيادته ولا يحزن بنقصه، أو كما قال.

وسئل الزهري عن الزاهد فقال: من لم يغلب الحرامُ صبرَه، ولم يشغل الحلالُ شكره (١)، وهذا قريبٌ ممَّا قبله، فإنَّ معناه أنَّ الزاهد في الدُّنيا إذا قدر منها على حرام، صبر عنه، فلم يأخذه، وإذا حصل له منها حلالٌ، لم يشغَلْهُ عَنِ الشُّكر، بل قام بشكرِ الله عليه.

قال أحمد بن أبي الحواري: قلتُ لسفيان بن عيينة: مَنِ الزَّاهد في الدُّنيا؟ قال: من إذا أنعم عليه شكر (٢)، وإذا ابتُلي صبر. فقلت: يا أبا محمد

قد أنعم عليه فشكر، وابتلي فصبر، وحبس النِّعمةَ (٣)، كيف يكون زاهداً؟! فقال: اسكت، من لم تمنعه النَّعماءُ مِنَ الشُّكر، ولا البلوى من الصَّبر، فذلك الزاهد (٤).

وقال ربيعة: رأس الزهادة جمعُ الأشياء بحقها، ووضعُها في حقِّها (٥).

وقال سفيان الثوري: الزهد في الدُّنيا قِصَرُ الأمل، ليس بأكل الغليظ، ولا بلبس العباء (٦)، وقال: كان من دعائهم: اللهم زهِّدنا في الدُّنيا، ووسِّع علينا منها، ولا تزوِها عنا، فترغِّبنا فيها. وكذا قال الإمام أحمد: الزُّهد في الدُّنيا: قِصَرُ الأمل، وقال مرة: قِصَرُ الأملِ واليأسُ مما في أيدي الناس.


(١) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " ٧/ ٢٨٧. …
(٢) من قوله: «لم يشغله عن الشكر … » سقطت من (ص).
(٣) سقطت من (ص).
(٤) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " ٧/ ٢٧٣.
(٥) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " ٣/ ٢٥٩.
(٦) أخرجه: وكيع في " الزهد " ١/ ٢٢٢ (٦)، والدينوري في " المجالسة " (٢٨٤٨)، وأبو نعيم في " الحلية " ٦/ ٣٨٦.

<<  <   >  >>