للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «ضربَ الله مثلاً صراطاً مستقيماً، وعلى جَنَبتَي الصِّراط سُورانِ، فيهما أبوابٌ مفتَّحَةٌ، وعلى الأبوابِ ستورٌ مُرخاةٌ، وعلى بابِ الصِّراط داعٍ يقول: يا أيُّها النّاس، ادخُلوا الصِّراط جميعاً، ولا تعوجُّوا، وداعٍ يدعو من جَوفِ الصِّراطِ، فإذا أرادَ أنْ يفتحَ شيئاً من تلكَ الأبوابِ، قال: ويحكَ لا تَفتَحْهُ، فإنَّك إنْ تفتحه تَلِجْهُ. والصِّراطُ: الإسلامُ. والسُّورانِ: حدودُ اللهِ. والأبوابُ المُفتَّحةُ: محارمُ اللهِ، وذلك الدّاعي على رأس الصِّراط: كتابُ الله. والدّاعي من فوق: واعظُ اللهِ في قلب كلِّ مسلمٍ».

زاد التِّرمذيُّ: {وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (١).

ففي هذا المثلِ الذي ضربه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنّ الإسلامَ هو الصِّراطُ المستقيم الذي أمرَ الله تعالى (٢) بالاستقامةِ عليه، ونهى عن تجاوُزِ حدوده، وأنَّ مَنِ ارتكبَ شيئاً مِنَ المحرّماتِ، فقد تعدّى حدودَه.

وأما الإيمانُ، فقد فسَّره النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث بالاعتقادات الباطِنَة، فقال: «أنْ تُؤْمِن باللهِ، وملائكتِه، وكُتبِه، ورُسلِهِ، والبعثِ بعدَ الموتِ، وتُؤْمِنَ بالقدرِ خيرِهِ وشرِّه».

وقد ذكرَ الله في كتابه الإيمانَ بهذه الأصولِ الخمسةِ في مواضع، كقوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} (٣). وقال تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} (٤)، وقال تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} (٥).

والإيمان بالرُّسُل يلزمُ منهُ الإيمانُ بجميع ما أخبرُوا به من المَلائكةِ، والأنبياء، والكتابِ (٦)، والبعثِ، والقدرِ، وغير ذلك من تفاصيل ما أخبروا به مِنْ صفات


(١) يونس: ٢٥.
(٢) زاد بعدها في (ص): «رسوله».
(٣) البقرة: ٢٨٥.
(٤) البقرة: ٢٧٧.
(٥) البقرة: ٣ - ٤.
(٦) في (ص): «ما أخبروا به غير ذلك من الملائكة والكتب والأنبياء».

<<  <   >  >>