للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال قتادة (١) في هذه الآية: اعلموا أنَّ الظلمَ في الأشهر الحُرُمِ أعظمُ خطيئةً ووزْراً فيما سوى ذلك، وإن كان الظُّلمُ في كلِّ حالٍ غيرَ طائل، ولكنَّ الله تعالى يُعظِّم من أمره ما يشاء تعالى ربنا.

وقد روي في حديثين (٢) مرفوعين أنَّ السيِّئاتِ تُضاعَفُ في رمضان، ولكن إسنادهما لا يصحُّ.

وقال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (٣). قال ابن عمر (٤): الفسوق: ما أُصيبَ مِنْ معاصي الله صيداً كان أو غيره، وعنه قال: الفسوق إتيان معاصي الله في الحرم.

وقال تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (٥).

وكان جماعة من الصحابة يتَّقونَ سُكنى الحرم، خَشيةَ ارتكابِ الذُّنوب فيه منهم: ابنُ عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكذلك كان عمر بن

عبد العزيز يفعل، وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: الخطيئةُ فيه أعظم (٦). ورُوي عن عمر بن الخطاب، قال: لأَنْ أُخطئ سبعينَ خطيئةً - يعني: بغيرِ مَكَّةَ - أحبُّ إليَّ مِنْ أن أُخطئ خطيئة واحدةً بمكة (٧). وعن مجاهد قال: تُضاعف السيِّئات بمكة كما تُضاعف الحسنات (٨). وقال ابن جريج: بلغني أن الخطيئة بمكة بمئة خطيئة، والحسنة على نحو ذلك.

وقال إسحاق بن منصور: قلتُ لأحمدَ: في شيءٍ من الحديث أنّ السيِّئة

تُكتب

بأكثرَ مِنْ واحدة؟ قال: لا، ما سمعنا إلاَّ بمكَّة لِتعظيم البلد «ولو أنَّ رجلاً بعدن أبين همَّ» (٩). وقال إسحاق بن راهويه كما قال أحمد، وقوله: ولو أنَّ رجلاً


(١) أخرجه: الطبري في " تفسيره " (١٢٩٧٤)، وابن أبي حاتم في " تفسيره " ٦/ ١٧٩٣
(١٠٠١٠).
(٢) أحدهما عند الطبراني في " الصغير " (٦٨٧) عن أبي صالح، عن أم هاني، به، وفي إسناده عيسى بن سليمان، وهو ضعيف. انظر: مجمع الزوائد ٣/ ١٤٤.
(٣) البقرة: ١٩٧.
(٤) أخرجه: الطبري في " تفسيره " (٢٩٢٨)، وابن أبي حاتم ١/ ٣٤٧ (١٨٢٦).
(٥) الحج: ٢٥.
(٦) أخرجه: عبد الرزاق (٨٨٧٠).
(٧) أخرجه: عبد الرزاق (٨٨٧١).
(٨) ذكره السيوطي في " الدر المنثور " ٤/ ٦٣٥.
(٩) ذكره ابن حجر في " فتح الباري " ١١/ ٣٩٩.

<<  <   >  >>