للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

صاح الدِّيكُ بعد ذلك، فقالت له أمه: يا بني لا تَدْعُ بعد هذا على شيءٍ (١).

وذُكر لرابعة رجلٌ له منْزلةٌ عند الله، وهو يقتاتُ مما يلتقِطُه مِنَ المنبوذات على المزابل، فقال رجل: ما ضرَّ هذا أنْ يدعو الله أنْ يُغنِيَه عن هذا؟ فقالت رابعةُ: إنَّ أولياءَ الله إذا قضي الله لهم قضاءٌ لم يتسخَّطوه.

وكان حيوةُ بنُ شُريح ضيِّقَ العيشِ جداً، فقيل له: لو دعوت الله أنْ يُوسِّعَ

عليك، فأخذ حصاة من الأرض فقال: اللهمَّ اجعلها ذهباً، فصارت تبرةً في كفِّه، وقال: ما خيرٌ في الدُّنيا إلاّ الآخرة، ثم قال: هو أعلم بما يُصلحُ عباده (٢).

وربما دعا المؤمنُ المجابُ الدعوة بما يعلم الله الخِيَرةَ له في غيره، فلا يُجيبه إلى سؤاله، ويُعوِّضه عنه ما هو خيرٌ له إما في الدنيا أو في الآخرة. وقد تقدم في حديث أنس المرفوع: «إنَّ الله يقول: إنَّ من عبادي من يسألني باباً

من العبادة، فأكفه عنه كيلا يَدخُلَه العُجْبُ» (٣).

وخرَّج الطبراني (٤) من حديث سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إنَّ من أمتي مَنْ لو جاء أحدُكم يسأله ديناراً لم يُعطِه، ولو سأله دِرهماً لم يُعطِهِ، ولو سأله فِلساً لم يُعطه، ولو سأل الله الجنَّة لأعطاه إيَّاها ذو طِمرين لا يُؤبَهُ له، لو أقسم على الله لأبرَّه». وخرَّجه غيرُه من حديث سالم مرسلاً، وزاد فيه: «ولو سأل الله شيئاً من الدنيا ما أعطاه تكرمةً له».

وقوله: «وما ترددتُ عن شيءٍ أنا فاعلُه تردُّدي عن قبضِ نفس عبدي المؤمن: يكرهُ الموتَ، وأكره مساءته». المرادُ بهذا أنَّ الله تعالى قضى على عباده بالموت، كما قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} (٥)، والموتُ: هو مفارقةُ


(١) أخرجه: ابن أبي الدنيا في " مجابو الدعوة " (١٢٢).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) أخرجه: ابن أبي الدنيا في " الأولياء " (١)، وانظر: مجمع الزوائد ١٠/ ٢٦٤.
(٤) في " الأوسط " (٧٥٤٨).
وانظر: الترغيب والترهيب (٤٦٩٢)، ومجمع الزوائد ١٠/ ٢٦٤.
(٥) آل عمران: ١٨٥.

<<  <   >  >>