للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

- والله - إذا أمسى أنْ لا يُصبح، وإذا أصبح أنْ لا يُمسي (١).

وكان محمد بن واسع إذا أراد أنْ ينام قال لأهله: أستودعكم الله، فلعلَّها أنْ

تكون منيتي التي لا أقوم منها فكان هذا دأبه إذا أراد النوم.

وقال بكر المزني: إنِ استطاع أحدُكم أن لا يبيت إلا وعهدُه عند رأسه مكتوبٌ، فليفعل، فإنَّه لا يدري لعله أنْ يبيتَ في أهلِ الدُّنيا، ويُصبح في أهلِ الآخرة.

وكان أويسٌ إذا قيل له: كيف الزمانُ عليك؟ قال: كيف الزمانُ على رجل إنْ أمسى ظنَّ أنَّه لا يُصبحُ، وإنْ أصبح ظنَّ أنَّه لا يمسي فيبشر بالجنة أو النار؟ (٢)

وقال عونُ بنُ عبد الله: ما أنزل الموتَ كُنْهَ منْزلته مَنْ عدَّ غداً من أجله. كم من مستقبل يوماً لا يستكمِلُه، وكم من مؤمِّل لغدٍ لا يُدرِكُه، إنَّكم لو رأيتم الأجلَ ومسيرَه، لأبْغَضتُم الأمل وغُرورَه (٣)، وكان يقولُ: إنَّ من أنفع أيام المؤمن له في الدنيا ما ظن أنَّه لا يدرك آخره.

وكانت امرأةٌ متعبدة بمكة إذا أمست قالت: يا نفسُ، الليلةُ ليلتُك، لا ليلةَ لكِ غيرها، فاجتهدت، فإذا أصبحت، قالت: يا نفس اليومُ يومك، لا يومَ لك

غيره فاجتهدت (٤).

وقال بكرٌ المزنيُّ: إذا أردت أنْ تنفعَك صلاتُك فقل: لعلِّي لا أُصلِّي غيرها، وهذا مأخوذٌ مما رُوي عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «صلِّ صلاة مودِّع» (٥).

وأقام معروفٌ الكرخيّ الصّلاةَ، ثم قال لرجل: تقدَّم فصلِّ بنا، فقال الرجل: إنِّي إنْ صليتُ بكم هذه الصلاة، لم أُصلِّ بكم غيرَها، فقال معروف: وأنتَ تحدِّث نفسك أنّك تُصلِّي صلاةً أخرى؟ نعوذُ بالله من طولِ الأمل، فإنَّه يمنع خيرَ العمل (٦).


(١) أخرجه: ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ١٣/ ٤٣.
(٢) أخرجه: أبو نعيم في " حلية الأولياء " ٢/ ٨٣.
(٣) أخرجه: ابن أبي شيبة (٣٤٩٦٣)، وأبو نعيم في " حلية الأولياء " ٤/ ٢٤٣.
(٤) أخرجه: وكيع في " الزهد " (٩).
(٥) أخرجه: أحمد ٥/ ٤١٢، وابن ماجه (٤١٧١)، والطبراني في " الكبير " (٣٩٨٧)
و (٣٩٨٨) عن أبي أيوب الأنصاري، به، وسنده ضعيف.
وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص وابن عمر وأنس بن مالك قواه بعضهم بها، والله أعلم.
(٦) أخرجه: أبو نعيم في " حلية الأولياء " ٨/ ٣٦١.

<<  <   >  >>