للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تغدو وتروح ليس معها من أرزاقها شيءٌ لا تحرث ولا تحصد، الله

يرزقها (١). خرَّجه ابن أبي الدُّنيا.

وخرّج بإسناده عن ابن عباس قال: كان عابدٌ يتعبد في غارٍ، فكان غرابٌ يأتيه كلَّ يوم برغيف يجد فيه طَعْمَ كلِّ شيءٍ حتى مات ذلك العابد (٢).

وعن سعيد بن عبد العزيز، عن بعض مشيخة دمشق، قال: أقامَ إلياسُ هارباً من قومه في جبل عشرين ليلة، - أو قال: أربعين - تأتيه الغربان برزقه.

وقال سفيان الثوري: قرأ واصلٌ الأحدب هذه الآية: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} (٣)، فقال: ألا إنَّ رزقي في السماء وأنا أطلبُه في الأرض؟ فدخل خَرِبَةً، فمكث ثلاثاً لا يُصيب شيئاً، فلمَّا كان اليومُ الرابع، إذ هو بدَوخَلةٍ من رُطَبٍ، وكان له أخٌ أحسن نيةً منه، فدخل معه، فصارتا دوخلتين، فلم يزل ذلك دأبهما (٤) حتى فرق الموتُ بينهما (٥).

ومن هذا الباب من قَوِي توكُّله على الله ووثوقه به، فدخل المفاوزَ بغير زاد،

فإنَّه يجوزُ لمن هذه صفته دونَ من لم يبلغ هذه المنْزلة، وله في ذلك أسوة بإبراهيم الخليل - عليه السلام -، حيث ترك هاجرَ وابنها إسماعيل بوادٍ غير ذي زرعٍ، وترك عندهما جراباً فيه تمرٌ وسِقاءً فيه ماء، فلمَّا تبعته هاجر، وقالت له:

إلى من تَدعنا؟ قال لها: إلى الله، قالت: رضيتُ بالله، وهذا كان يفعله بأمر الله ووحيه، فقد يَقذِفُ الله في قلوب بعض أوليائه من الإلهام الحقِّ ما يعلمون أنَّه حقٌّ، ويثقون به. قال المروذي: قيل لأبي عبد الله: أيّ شيءٍ صِدقُ التوكل على الله؟ قال: أنْ يتوكَّل على الله، ولا يكون في قلبه أحدٌ من الآدميين يطمع أنْ يجيئه بشيءٍ، فإذا كان كذا، كان الله يرزقه، وكان متوكِّلاً (٦).


(١) أخرجه: ابن أبي شيبة (٣٤٢٣٢)، والحسين المروزي كما في زوائده على " الزهد "
لعبد الله بن المبارك (٨٤٨).
(٢) أخرجه: أبو الشيخ في " العظمة " (١٢٩٢).
(٣) الذاريات: ٢٢.
(٤) سقطت من (ص).
(٥) أخرجه: الطبري في " تفسيره " (٢٤٩١٥)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (١٣٣٦).
(٦) انظر: الفروع ٤/ ٤١.

<<  <   >  >>