للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللذان من حَافَظَ عليهما، دخلَ الجنة (١)، ويليهما من أوقات

الذكر: الليلُ. ولهذا يُذكر بعد ذكر هذين الوقتين في القرآن تسبيحُ اللَّيلِ

وصلاته.

والذكرُ المطلقُ يدخل فيه الصَّلاةُ، وتلاوة القرآن، وتعلُّمه، وتعليمُه، والعلمُ النافع، كما يدخلُ فيه التَّسبيحُ والتَّكبير والتَّهليل، ومِن أصحابنا من رجَّح التلاوة على التَّسبيح ونحوه بعد الفجر والعصر. وسُئلَ الأوزاعيُّ عن ذلك، فقال: كان هديهُم ذكرَ الله، فإنْ قرأ، فحسن. وظاهر هذا أنَّ الذكر في هذا الوقت أفضلُ من التلاوة، وكذا قال إسحاق في التَّسبيح عقيبَ المكتوبات مئة مرة: إنَّه أفضلُ من التلاوة حينئذٍ. والأذكارُ والأدعيةُ المأثورةُ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الصَّباح والمساء كثيرة جداً.

ويستحبُّ أيضاً إحياءُ ما بين العشاءين بالصلاة والذِّكر، وقد تقدَّم حديثُ أنس (٢) أنَّه نزل في ذلك قولُه تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} (٣).

ويستحبُّ تأخيرُ صلاة العشاء إلى ثُلث الليلِ، كما دلَّت عليه الأحاديث الصحيحة (٤) - وهو مذهبُ الإمام أحمد وغيره - حتى يفعل هذه الصَّلاة في أفضل وقتها، وهو آخرُه، ويشتغل منتظرُ هذه الصلاة في الجماعة في هذا الثلث الأول مِنَ اللَّيل بالصَّلاة، أو بالذِّكر وانتظار الصَّلاة في المسجد، ثمَّ إذا صلّى العشاءَ، وصلَّى بعدَها ما يتبعُها من سننها الراتبة، أو أوتَرَ بعدَ ذلك إنْ كان يُريد أنْ يُوتِرَ قبلَ النوم.

فإذا أوى إلى فراشه بعدَ ذلك للنوم، فإنَّه يُستحبُّ له أنْ لا ينامَ إلا على طهارةٍ وذكرٍ، فيُسبِّح ويحمد ويكبِّر تمام مئة،

كما علَّم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فاطمةَ وعلياً أنْ يفعلاه عندَ منامهما (٥) ويأتي


(١) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من صلى البردين دخل الجنة».
أخرجه: البخاري ١/ ١٥٠ (٥٧٤)، ومسلم ٢/ ١١٤ (٦٣٥) (٢١٥) عن أبي موسى الأشعري.
(٢) انظر: الحديث التاسع والعشرين وهو عند الطبري في " تفسيره " (٢١٥٠٥).
(٣) السجدة: ١٦.
(٤) حديث ابن عباس عند البخاري ١/ ١٤٩ (٥٧١)، ومسلم ٢/ ١١٧ (٦٤٢) (٢٢٥).
وحديث ابن عمر عند البخاري ١/ ١٤٩ (٥٦٩)، ومسلم ٢/ ١١٦ (٦٣٩) (٢٢٠).
وحديث عائشة عند مسلم ٢/ ١١٥ (٦٣٨) (٢١٩).
(٥) أخرجه: البخاري ٤/ ١٠٢ (٣١١٣)، ومسلم ٨/ ٨٤ (٢٧٢٧) (٨٠) عن علي.

<<  <   >  >>