للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالاستعمار) (١)، كان التَّنصير منصباً في الغالب لخدمة الجوانب السياسيّة والعسكريّة.

وفي بعض الأماكن والبلدان يدفع المنصِّرَ إلى عمله حماستُه الدينية لإنقاذ المدعوين من دينونة الخطيئة، ومنحِهم البشارةَ والسعادة في الحياة وبعد الممات باتباع الإنجيل والدخول في مملكة الرب المخلص يسوع كما يعتقد.

ويوجد مَن دفعته النّوازعُ الشخصيّة، أو الأطماعُ الدنيويّة إلى ممارسة العمل التّنصيري.

وفي المجتمعات النَّصرانيَّة يكون الهدفُ تثبيتَ النصراني وتقويةَ إيمانه والحيلولةَ بينه وبين سماع رسالة الإسلام الحقّة النّقيّة من شوائب التحريف والتشويه، أو أي دعوة دينية أخرى. وهكذا في أوساط التجمعات النَّصرانيَّة داخل البلاد الإسلاميّة أو غيرها.

وفي المجتمعات غير النَّصرانيَّة يهدف العمل التَّنصيري لوقف المد الإسلامي، ووقف انتشار أي دين آخر.

وهذا التَّفصيلُ لا ينفي اجتماع أكثر من دافع، أو الاستفادة من العوامل الأخرى.

المطلب الثالث: وسائل التَّنصير

يقسم كثير من الباحثين الوسائل التَّنصيريَّة إلى مباشرة وغير مباشرة.

ويعنون بالمباشرة، تلك المتمثلة في الدعوة الشخصية التي يقوم فيها المنصِّر بالتحدث مع من يستهدفه، ومحاولة إقناعه بالدخول في النَّصرانيَّة.

ومن أشكالها -كذلك- إقامة المناظرات الدينيّة.


(١) درج كثير من الكتّاب على تسميتها بحروب الاستعمار. وهذه المفردة تعني البناء والتشييد واستخراج ثروات الأرض لأجل نفع السّكان، كما في قوله تعالى على لسان صالح - عليه السلام - مذكِّراً قومه بنعم الله تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} (سورة هود، من الآية ٦٦). ولقد كان احتلال بلاد المسلمين -في غالبه- نهباً لخيراتها، ونشراً لما يُفسد العقائد والأخلاق، فكان تسميته بالاستخراب أولى. وترى الموسوعة الميسرة أن التسمية بالاستعمار مغالطة وتشويش على المعنى الحقيقي، والأولى أن يسمى استعباداً لا استعماراً. انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة ٢/ ٩٥٤. على أنّ استخدامهم لمفردة الاستعباد فيه نظر.

<<  <   >  >>