فألفوا الكتب، وشحنوها بصنوف الشبه والمطاعن والجدليات. وبعثوا فئاماً من المستشرقين الذين درسوا الإسلام، ونقَّبوا في كتب المسلمين لاستخراج ما يرون فيه طعناً وثلباً.
ثم جاءت التقنية الحديثة بوسائل الإعلام التي توصل الكلمة والصوت والصورة إلى ملايين البشر في ذات اللحظة، فنهض المنصرون إلى الاستفادة منها في الهجوم على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وباعتبار شبكة المعلومات العالميّة واحدةً من أهم هذه الوسائل، فإنّ المستخدم لها يجد لهم جهوداً كبيرة في هذا الجانب، سواء في مواقع الشبكة، أو في خدماتها التفاعليّة. وقد سبق بيان شيء من هذا في الفصل الأول.
إنّ العمل التنصيري من خلال الشبكة -فيما وقف عليه الباحث- يكاد يكون بعد إبراز
النصرانيّة منصرفاً إلى الطعن في القرآن الكريم والنبي المصطفى عليه الصلاة والسلام.
وفي هذا المبحث يهدف الباحث إلى إيراد بعض جدليات القوم حول النبي الكريم، موضِّحاً مناهجَهم وطرقَهم في عرض هذه المطاعن، مُعْقِباً ذلك بالرد على هذه التهم بالدليل والبرهان والحجج العقليّة.
[المطلب الثاني: أبرز الشبه حول النبي - صلى الله عليه وسلم -]
ملأ النّصارى منافذَ الخدمات التفاعليّة للشّبكة بأعداد لا يمكن حصرها من الكتابات والملفات المرئيّة والصوتيّة الموجهة إلى النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - طعناً وانتقاصاً واتهاماً وبثًّا للشّبهات.
ومن هذه الشبه ما يلي:
الشبهة الأولى: وهي أكثر شبهاتهم طرحاً، ومفادها أنّ النبي الكريم كان يطلق العنان لشهوته الجنسيّة، مبتعداً عن عفة فرجه.
ويستدلون على ذلك بتعدد زوجاته، وبزواجه من عائشة وهي بنت تسع سنين، وبأنه أُحِلَّ له نكاحُ من وهبت له نفسها، والزواجُ بمن أعجبته من النساء، وإن كانت ذات زوج وجب على الزوج تطليقها.
ويرون أنَّه لذلك جامع امرأة ميتة، وأتى نساءه في حال الحيض، وكان يطوف عليهن