تبيّنَ لنا في المبحث الثالث من التمهيد الرئيسي للرسالة الاهتمامُ الكبير الذي يُبديه المنصرونَ تجاه الشبكة العالميّة بصورة عامّة، وتظافرُ أقوالهم النَّاطقة بذلك، وتعددُ أفعالهم المترجمة لهذا الاهتمام.
ولما كانت الخدمات التّفاعليّة مِن أهمِّ ما تُتيحه الشبكة للمستخدمين -وهي محلُّ البحث- كان من اللازم التَّعريفُ بها، وبيانُ أسبابِ اهتمام المنصرين بها، ودلائلُ ذلك ممّا نُقِل من أقوالهم، وعُرِف من أفعالهم.
وبيان ذلك في المطالب التّالية:
المطلب الأول: التَّعريف بالخدمات التّفاعليّة
لم أجد خلال بحثي في كتب مصطلحات الحاسب والشبكة مصطلحاً محدداً بهذه المفردات، وإنما أَوْرَدْتُهُ اجتهاداً للتفريق في وصف واقع جيلين من أجيال الشبكة.
فالجيلُ الثاني للشبكة، الذي يطلق عليه -بالإنجليزيّة- مصطلح ( Web ٢) ، كان أهمَّ سماته؛ تغيرُ واقع الاتصال بين الخدمة والمستفيد.
فإذا كانت السِّمة الطاغية قبل نشوء هذا المصطلح هي اتجاه المعلومة من الخدمة إلى المستفيد اتجاهاً أحادياً كما في مواقع الشبكة في تلك الفترة؛ فإنّ الاتصال بعد ذلك أصبح بين الخدمة والمستفيد في اتجاهين معاً، فأصبح الشخصُ مُرسِلاً ومُستقبِلاً في ذات الوقت (١).
وللوصول إلى تعريف هذا المصطلح فإنَّنا نعرفه باعتبار جزأيه فنقول:
الخِدْمات: جمع خِدمة. وهي في اللغة مصدرٌ من الفعل خَدَمَ.
وأصل الخدمة الإطافةُ بالشيء، ومنه سمي الخلخال خَدَمَةً لإحاطته بالرِّجل، ثم كثر ذلك حتى سمي الاشتغال بما يَصلح به شأن المخدومِ؛ خِدْمةً. وقيل إنّ خدمة بالفتح مصدر،
(١) انظر: الإنترنت ما بعد التّفاعليّة؛ وسام فؤاد؛ على الرّابط: www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=١١٥٠٩٩