للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تاريخه الطويل من المواجهة الفكرية والدينية مع العالم الإسلامي كان دائماً يميل إلى الطعن في شخص النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو ما لم يتغير عبر قرون طويلة من العلاقة مع الغرب» (١).

والأمر نفسه ينطبق على السّنّة النبويّة، وعلى كل ما له تعلق بالإسلام والمسلمين.

وهكذا فقد دأب النّصارى المعادون للإسلام على بثّ الشبهات والطّعون بغية زعزعة العقيدة في نفوس المسلمين، مسوقين بدوافعَ يذكر المطلب التّالي شيئاً منها.

[المطلب الثالث: بواعث سعي المنصرين لبث الشبهات]

إنّ الهجوم القويّ على الإسلام في منافذ الخدمات التفاعليّة يدفع إلى طرح التساؤل عن الأسباب الباعثة لذلك ضدَّ دينٍ يُعلي مكانة المسيح وأمَّه وأتباعه من الحواريين، ويصف التوراة والإنجيل بأنّهما هدى ونور، إلى غير ذلك من حديث التقدير والتّكريم.

وخلاصة جواب ذلك في تقرير أنّ الإسلام هو الدين السماوي الذي أعقب النصرانيّة، وأتى بمخالفة جُلِّ عقائدها الأساسيّة، وبإقرار نظرة مختلفة إلى إله النصارى وكتابهم.

ففي الوقت الذي نظر النصارى فيه إلى عيسى - عليه السلام - على أنّه الله الظاهر في الجسد، وابن الله الحيّ، وأنّه ليس بنبيٍّ ولا رسولٍ ولا عبدٍ من عباد الله (٢)؛ جاء الإسلام ببيان كونه واحداً من جملة رسل الله تعالى وعباده، فكان في ذلك إنقاصاً لمكانته في قلوبهم.

وحين اعتبر النصارى الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد كلمةَ الله المحفوظةَ كما أنزلت؛ جاء الإسلام ببيان تحريفِهم له بشتّى صورِ التّحريف، فكان في ذلك هدماً لمقدَّس آخرَ في قلوبهم.

وبتقرير الإسلام أنّه خاتَم الأديان، وأنّ نبيه - صلى الله عليه وسلم - خاتَم الرسل وأفضلَهم، وأنّ كتابه القرآن وحيُ الله المصدقُ لما سبقه من كتب الله، والمهيمنُ عليها، وإلزامَه الثقلين الدخول فيه ليكونوا من النّاجين؛ نُسِف بذلك الشأنُ الاستعلائي عند أهل الكتاب الذين طالما رددوا:


(١) انظر: لماذا يكرهونه؟، باسم خفاجي، ص٢١.
(٢) انظر: عقيدة المسيحيين في المسيح، الأنبا يوأنس، ص٣٣ - ٤٢.

<<  <   >  >>