للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: أبرز الشبه حول النبي - صلى الله عليه وسلم -، والرد عليها]

[المطلب الأول: إرسال الرسل، وحال أقوامهم معهم]

لم يخلقِ اللهُ النّاس سدى، ولم يوجدهم عبثاً، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. ولكنّه خلقهم لعبادته، واستخلفهم في الأرض لعمارتها.

وقد اقتضت رحمته بهم أنْ عرَّفهم السبيل إلى ذلك بأنِ اصطفى من شاء من خلقه ليكونوا رسلاً يُبلِّغون عنه وحيَه إلى عباده.

وقد «جعل -سبحانه- الرسلَ وسائطَ بينه وبين عباده في تعريفهم ما ينفعهم وما يضرهم، وتكميل ما يُصلحهم في معاشهم ومعادهم» (١).

ومن هنا نشأت الضرورة «إلى معرفة الرسول وما جاء به، وتصديقه فيما أخبر به،

وطاعته فيما أمر. فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح، لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل، ولا سبيل إلى معرفة الطيِّب والخبيث على التفصيل إلا من جهتهم، ولا يُنال رضا الله البتة إلا على أيديهم.

فالطيِّب من الأعمال والأقوال والأخلاق ليس إلا هديُهم وما جاؤوا به ..

فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلى روحه، والعين إلى نورها، والروح إلى حياتها» (٢).

وكما اصطفى الله مَن شاء مِن عباده لحمل أعباء الرسالة وتبليغها؛ فقد مَنَّ على مَن كان أهلاً للهداية، بالتوفيق لاتباع الرسل وتصديقهم والإيمان بهم {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (٣).


(١) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ١٩/ ٩٥.
(٢) انظر: زاد المعاد، ابن القيم ١/ ٦٨.
(٣) سورة آل عمران، الآية ١٦٤.

<<  <   >  >>