للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الرابع: الرد على الشبه]

يمكن الرد على جدليات النصارى حول القرآن الكريم بشكلٍ مجملٍ، وآخرَ مفصل.

المسألة الأولى: الرد المجمل، ويقال فيه ما يلي:

الأمر الأول: ثبت على مرِّ السنين وتعاقبها من أكثر من أربعة عشر قرناً من الزّمان أنّ القرآنَ الكريمَ معجزةٌ خالدةٌ لا تقبل المعارضة والنقض أبداً.

وعلى الرغم من إعلان التحدي المبكر، فقد «أجمع رواة التّاريخ والآثار، على أنّ أساطين البلغاء وفحول الشعراء من مشركي العرب لم تحدثهم أنفسهم بمعارضة القرآن، ولم ينقل عن أحد منهم أنّه حاول أن يأتي بمعارضة للقرآن، مع شدّة حرصهم على صدّ النّاس

عن الإسلام، والتكذيب برسالة محمد عليه الصّلاة والسّلام» (١).

ومع إغفال ذكر بعض المحاولات الموغلة في الضّعف، يمكن أن نشير هنا إلى محاولة عبد الله بن المقفع (٢)، حين كَتَب شيئاً، فمرّ ذات يوم بصبيّ يقرأ قوله تعالى: {وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (٣)، فمزّق ما جمع، واستحيا من إظهاره، وقال: "هذا والله لا يستطيع البشر أن يأتوا بمثله" (٤).

ولا يزال التحدي قائماً على مدى هذه القرون الطّويلة، فَلِمَ نكل النصارى وغيرُهم عن معارضة القرآن وقد اطّلعوا -ولا شك- على إعلان التحدي فيه في أكثر من آية.


(١) انظر: التبيان في آداب حملة القرآن، محمد علي الصابوني، ص١٤٦.
(٢) هو أحد أئمة الكتّاب، وأول من عني في الإسلام بترجمة كتب المنطق. نشأ في العراق مجوسيًّا ثم أسلم، وولي كتابة الديوان لأبي جعفر المنصور. ترجم عن الفارسية "كليلة ودمنة" وهو أشهر كتبه، وله رسائل غاية في الإبداع. قُتل في البصرة بسبب اتهامه بالزندقة. انظر: الأعلام، الزركلي ٤/ ١٤٠.
(٣) سورة هود، الآية ٤٤.
(٤) انظر: التبيان في آداب حملة القرآن، محمد علي الصابوني، ص١٤٩.

<<  <   >  >>