للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا أبو سفيان (١) -وكان لما يسلم- يشهد للنبي الكريم برفعة النسب، وسلامة اللسان من الكذب، وبالوفاء وعدم الغدر، وبالأمر بالتوحيد والصلاة والزكاة والصدق والعفاف والصلة (٢).

وهذا عمُّهُ أبو طالب (٣)، مع بقائه على الشرك، يُصرِّح بعلمه وتحققه نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وصدقِه، فيقول:

ولقد علمتُ بأنَّ دين محمد ... من خير أديان البريّة دينا

لولا الملامة أو حذار مسبَّة ... لوجدتني سمحاً بذاك مُبينا

ويقول في لاميَّته:

فوالله لولا أنْ تكون مسبَّة ... تُجَرُّ على أشياخنا في المحافل

لكنّا اتبعناهُ على كل حالة ... من الدهر جدّاً غير قول التهازل

لقد علموا أنَّ ابننا لا مكذَّبٌ ... لدينا ولا يُعنى بقول الأباطل (٤)

ثم تكررت الشواهد بعد ذلك من المنصفين.

فالشاعر الألماني جوتة (٥) كتب في النبي - صلى الله عليه وسلم - شعراً رائعاً، واعتبره مثالاً للعبقرية الفذة، وشبهه في شعره بالنهر العظيم المتدفق، الذي تناديه باقي الأنهر والجداول ليساعدها على


(١) هو المغيرة بن حارث الهاشمي. ابن عم الرسول - صلى الله عليه وسلم -. أسلم قبيل الفتح وحسن إسلامه. كان أخاً للنبي - صلى الله عليه وسلم - من الرضاع، وشبيهاً به. مات بالمدينة سنة عشرين في خلافة عمر - رضي الله عنه -. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي ١/ ٢٠٢ - ٢٠٥.
(٢) قصة أبي سفيان وسؤالات هرقل له، رواها البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن، باب (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله)، ح٤٥٥٣، ص١١١٦ - ١١١٧.
(٣) هو عبدمناف بن عبد المطلب بن هاشم. والد علي - رضي الله عنه -، وعمّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وكافله ومربيه وناصره. كان من أبطال بني هاشم ورؤسائهم. ناصر الدّعوة لكنّه مات على الشّرك خلافاً لقول الرّافضة وأكثر الزّيديّة من الشيعة. انظر: الأعلام، الزركلي ٤/ ١٦٦.
(٤) انظر: مفتاح دار السعادة، ابن القيم ١/ ١٠٠ - ١٠١.
(٥) هو أحد أشهر أدباء ألمانيا. ولد سنة ١٧٤٩م ومات سنة ١٨٣٢م، وخلّف إرثاً أدبياً كبيراً. عرف باحترامه وتقديره للإسلام والقرآن والنبي - صلى الله عليه وسلم -. قرأ تراجم القرآن والسّيرة لكنّه لم يسلم. انظر: موسوعة ويكيبيديا، مفردة: يوهان فولفغانغ فون غوتة.

<<  <   >  >>