للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصورة الأوروبيّة عن الإسلام- يقول: «إنّ اتجاهي الفكري قد تحوّل كلّياً نحو الإسلام، وهكذا شعوري .. لم أكن أكذب عندما قلت إنّي أؤمن برسالة محمد النّبويّة .. إنّ ديني أصبح منذ الآن ديانة الكون التي دعا إليها الأنبياء» (١).

وعلى كلّ حال فالنبي - صلى الله عليه وسلم - في غنى عن شهادة البشر (٢)، فقد شهد له رب البشر، وزكّى

فؤاده فقال: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى}، وزكّى بصره فقال: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى}، وزكّى لسانه فقال: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}، وزكّى خُلقه فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وزكّاه كله فقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (٣).

الأمر الثالث: على كلِّ من يطعن في عفته - صلى الله عليه وسلم -، ويسمه بالميل لإشباع الرغبات الجنسية؛ أن يجيب عن تعفف النبي الكريم سنوات شبابه حتى بلغ الخامسة والعشرين حين تزوج لأول مرة، وذلك في مجتمع جاهلي يعج بسبل الفواحش، ودور البغاء.

ولن يجد جواباً؛ ذلك أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أتى كفار قريش بهذا الدين الذي يسفه معتقداتهم، ويحقر معبوداتهم الصنمية، وكانوا له في غاية العداوة والكراهية؛ لم يجدوا سبيلاً للطعن في عفته وطهره ونقائه. وغاية ما قالوا: شاعر وكاهن وساحر وكذّاب.

ولو وجدوا مطعناً أخلاقيًّا لابتدروا إلى نشره وتلقينه كلَّ قادم من خارج مكة يريد لقاء النبي المصطفى.


(١) انظر: الإسلام في الفكر الأوروبي، إلبرت حوراني، ص٤٨.
(٢) هناك رأيٌ يخطِّئ طريقة إيراد شواهدَ منصفة من كلام العلماء والمفكرين غير المسلمين، استناداً إلى أنّ في ثقة المسلمين بدينهم غنية عن كلام هؤلاء، وأنّ إيراد أقوالهم قد يفضي إلى الإعجاب بطرائق تفكيرهم، ثم إلى التأثر بفكرهم ومنهجهم. وممن ذهب إلى هذا؛ الأستاذ الدكتور علي النّملة، كما في محاضرته الصّوتيّة: "استغراب أم استشراق". والذي يراه الباحث موافقة هذا القول إلا في حالة مخاطبة الكفار ودعوتهم، فقد يكون في مواجهتهم بأقوال أبناء ملتهم ما يؤثر في كسر جمودهم على الصور النمطية والأفكار المسبقة حول الإسلام وكتابه ونبيِّه.
(٣) انظر: منزلته - صلى الله عليه وسلم - عند رب العالمين، عبد الرحمن بن صالح المحمود، ص٢٤، ضمن كتاب (التطاول على النبي - صلى الله عليه وسلم - وواجبات الأمة). والآيات على الترتيب في سورة النجم ١١،١٧،٣، وسورة القلم، الآية ٤، وسورة الأنبياء، الآية ١٠٧.

<<  <   >  >>